ومنها : قوله عليهالسلام حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات (١).
ومنها : قوله عليهالسلام جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (٢) : فإنه كأمثال ما مر قد تكرر منه عليهالسلام حتى سمعه أكثر الصحابة ولم يزل عدد رواته في ازدياد والأمثلة في هذا المعنى أكثر من ان تعد وتحصى.
ولو أردنا ذكر بعض أمثلة التواتر المعنوي الذي يدعون قلة واختصاصه بأصول الشرائع مع قلتها لطال الكلام وان نازعوا في تواتر الأمثلة المذكورة نازعناهم فيما أقروا به من التواتر المعنوي فبأي وجه اثبتوا التواتر هناك أثبتناه هنا وإذا نازعهم منازع في تواتر الأول والوسط هناك فما أجابوا به فهو جوابنا بعينه أو ما هو أقوى منه.
ولكن نقول بطريق الإجمال ان العقل يجزم بعد تبليغ الآثار بان الرسول صلىاللهعليهوآله كان في نهاية الحكمة والعصمة والشفقة على الأمة والحرص على تبليغ الشريعة وكذلك الأئمة (ع) وانهم كانوا يبلغون الأحكام في مواضع متعددة ويريدون بقاء الشريعة لتعمل بها الأمة إلى يوم القيمة وتصل الى كل مكلف في كل زمان على وجه يقطع العذر ويفيده العلم بشرط ان يتفحص عن ذلك ويطلب من اهله ويبذل جهده في طلبه والا لم تكونوا مبلغين للشريعة كما ينبغي.
وقد كان يعلمون ما كان وما يكون كله أو أكثره بتعليم الله إياهم وانهم لذلك كانوا يبلغون الأحكام في المجالس والمجامع والمحافل والمساجد وعلى المنابر وعلى رؤس الاشهاد وحال اجتماع العساكر وتوفر الدواعي على النقل لتثبت عليهم الحجة وتشتهر بينهم الأحكام والأحاديث وكانوا يبلغون أكثر الأحكام في حضور مآت من الناس بل ألوف متعددة ويكررون التبليغ في مجالس كثيرة حتى تثبت الحجة على جميع أهل ذلك الزمان وتشهر بينهم وينقلوا الى من بعدهم.
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ٦٨
(٢) مستدرك الوسائل ج ١ ص ١٥٦