الثاني :
الأخبار المتواترة ، حيث أمروا فيها بالصوم بالرؤية مطلقا ، أعمّ
من أن يكون قبل الزوال أو بعده ، وأمروا بالإفطار بالرؤية كذلك ، من غير تفصيل بين
قبل الزوال وبعده ، كما يقول به الخصم .
وبالجملة ، التفصيل
المذكور خلاف ظاهر تلك الأخبار المتواترة ، فإنّ الظاهر منها أنّ الصوم للرؤية على
نهج واحد لا تفصيل فيه ، وكذلك الفطر ، فالظاهر كونها بنسق واحد.
وتخصيصها
بالرؤية قبل الزوال فاسد قطعا ، بل القطع حاصل بدخول الرؤية بعد الزوال فيها ، بل
في كثير منها الأمر بإنشاء الصوم بعد تحقّق الرؤية.
بل من
المسلّمات أنّ المطلق منصرف إلى الشائع ، والشائع وقوع الاستهلال بعد الزوال ، والغالب
الرؤية ذلك الوقت ، فتعيّن أن يكون المراد الصوم غدا والفطر غدا مشروطين بالرؤية
المتعارفة ، والمشروط عدم عند عدم شرطه.
مع أنّ الصوم
حقيقة في الكفّ المعهود من ابتداء الفجر إلى الغروب ، وظاهر في ذلك.
فالأمر بإنشاء
الصوم بعد الرؤية في غاية الظهور في أنّ المراد غدا.
وامتداد وقت
نيّة الصوم إلى الزوال في بعض الأحوال لا يقتضي وجود صوم بعض اليوم ، بل الإجماع
والأخبار ظاهران في كون المكلّف صائما في مجموع اليوم لا في بعضه ، والمعصوم عليهالسلام أمر في تلك الأخبار بنفس الصوم لا بإيجاد نيّته .
__________________