الغير معاملة الامين ، لانه سلطه على أن ينتفع ويثقه ، وإلا فليس المعتبر فيها أن يكون الغير أمينا موثوقا به قطعا ، وأما مطلق الاذن فهو عبارة عن رفع المنع عن التصرف ، نظير الامانة الشرعية ، ومن المعلوم أن هذا المقدار ليس تسلطا فضلا عن كونه على الوجه الخاص ، ولا منافاة بينه وبين القسمين ، وإنما المسلم ، لو تنزلنا منافاته مع تسليطه.
والحاصل ، أنه لا ينبغي الريب في أن المالك لو صرح « بأبي لا أمنعك عن التصرف » وقد ارتفع من جانبه المنع من التصرف ، فلا يقتضي ذلك لرفع اليد عما تقتضيه اليد من الضمان ، عند التلف وليس هذا استيمانا حتى يتمسك بذيل أدلة الامين ، نعم لو سلطه ببعثه على الاخذ ، أمكن القول بالمنافاة ، نظرا إلى ما عرفت من أن من لوازمه عرفا رفع اليد عما تقتضيه اليد مراعاة للمالك وأنه استيمان ، وقد اطلعت على كلمات كثيرة من الاصحاب تشهد بما ادعيناه من مغايرة الاذن والاستيمان وإن كانت كثيرة منها تشهد بخلافه ، حيث صرحوا في باب العارية بأن حقيقته الاذن وأنه لا يعتبر فيها لفظ خاص ولا مطلق اللفظ ، قال في التذكرة : « ويكفي قرينة الاذن بالانتفاع من غير لفظ دال على الاعارة أو الاستعارة » (١) وإن كان ربما يستشكلون في مثل الفراش المبسوطة للانتفاع ، إلا أنه من جهة اعتبارهم الاذن لشخص خاص ، لا لعدم كفاية الاذن فتسالمهم على أن العارية إذن وأنها لا ضمان فيها لانها استيمان يكشف عن أن الاستيمان عندهم مساوق للاذن.
ومما يشهد لما ادعيناه ما صرح به في التذكرة أيضا في باب الوكالة « إذا تعدى
__________________
١ ـ التذكرة : ج ٢ ، كتاب العارية ، ص ٢١٠.