ووالله ما لبثت إلا قليلاً حتّى دخلت على عبد الملك بن مروان ، وإذا رأس مصعب ابن الزبير على ترس بين يديه (١).
روى الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة : حدّثني أبي ، عن أبيه ، قال : أخبرني أبي حمزة بن يزيد الحضرمي ، قال : رأيت امرأة من أجمل النساء وأعقلهنّ ، يقال لها : ريّا ; حاضنة يزيد ، يقال : بلغت مائة سنة ، قالت : دخل رجل على يزيد ، فقال أبشر ، فقد أمكنك الله من الحسين. وجيء برأسه ، قال : فوضع في طست ، فأمر الغلام ، فكشف ، فحين رآه خمر وجهه ، كأنه شمّ منه. فقلت لها : أقرع ثناياه بقضيب؟ قالت : إي والله. ثمّ قال حمزة : وقد حدّثني بعض أهلنا : أنّه رأى رأس الحسين مصلوباً بدمشق ثلاثة أيام (٢).
وعلى ذلك ، فباغتيال واستشهاد الإمام الحسين عليهالسلام ، تكون الأمّة قد اغتالت أصحاب الكساء واحداً بعد واحد ، وآذت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في نفسه ، وفي عترته ، دون رحمة أو شفقة ، ولا احترام أو تقدير له ، فلقد جازوه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالبغض والحقد والضغينة ، ولم يرقبوا إلاً ولا ذمّة في عترة المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحديث : « اشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي » (٣) ، وقال سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ) (٤).
لقد اغتالوا أصحاب الكساء الذين توسّل بهم آدم عليهالسلام إلى الله ليغفر له ، فغفر له.
قال السيوطيّ في الدرّ المنثور : وأخرج ابن عدي ، وابن عساكر ، عن أنس
__________________
(١) البداية والنهاية ٨ : ٢٠٢ ـ ٢١٤.
(٢) سير أعلام النبلاء ٣ : ٣١٩.
(٣) الجامع الصغير ١ : ١٥٨ ، كنز العمّال ١٢ : ٩٣ ، عن الفردوس.
(٤) الأحزاب : ٥٧.