فقال : لو كان الذي صنعت معكم ، إنّما هو للدنيا ، كان في هذا الذي أرسلتموه ما يرضيني وزيادة ، ولكن والله ، ما فعلت ذلك ، إلا لله تعالى ، ولقرابتكم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقيل : إنّ يزيد ، لمّا رأى رأس الحسين قال : أتدرون من أين أتى ابن فاطمة؟
وما الحامل له على ما فعل؟
وما الذي أوقعه فيما وقع فيه؟
قالوا : لا!
قال : يزعم أنّ أباه خير من أبي ، وأمّه فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خير من أمّي وجدّه رسول الله خير من جدّي ، وأنّه خير منّي ، وأحقّ بهذا الأمر منّي.
فأمّا قوله : أبوه خير من أبي ، فقد حاجّ أبي أباه إلى الله عزّ وجلّ ، وعلم الناس أيّهما حكم له.
وأمّا قوله : أمّه خير من أمّي ، فلعمري أنّ فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خير من أمّي.
وأمّا قوله : جدّه رسول الله خير من جدّي ، فلعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ، يرى أنّ لرسول الله فينا عدلاً ولا نداً ، ولكنّه إنّما أتى من قلّة فقهه ، لم يقرأ : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء ) (١).
__________________
(١) آل عمران : ٢٦.