فيكم حسكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلّين ، وهدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم ، فألفاكم لدعوته مستجيبين وللعزّة فيه ملاحظين ، ثُمّ استنهضكم ، فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير ابلكم ، ووردتم غير مشربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، والرسول لمّا يقبر ، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا ، وإنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين ، فهيهات منكم ، وكيفي بكم ، وأنّى تؤفكون ، وكتاب الله بين أظهركم ، أموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة ، وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، وقد خلّفتموه وراء ظهوركم ، أرغبة عنه تريدون ، أم بغيره تحكمون ، بئس للظالمين بدلاً ، ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ، وهو في الآخرة من الخاسرين ، ثُمّ لم تلبثوا إلا ريث أنْ تسكن نفرتها ، ويسلس قيادها ، ثُمّ أخذتم تورون وقدتها ، وتهيجون جمرتها ، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغويّ ، وإطفاء أنوار الدين الجلي ، وإهمال سنن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الصفيّ ، تشربون حسوا في ارتغاء ، وتمشون لأهله وولده في الخمرة والضراء ويصير منكم على مثل حزّ المدى ووخز السنان في الحشا ، وأنتم الآن تزعمون أنْ لا إرث لنا « أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون » أفلا تعلمون ، بلى قد تجلّى لكم كالشمس الضاحية ، أنّي ابنته أيّها المسلمون ، أأغلب على إرثي يا ابن أبي قحافة ، أفي كتاب الله أنْ ترث أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئاً فريّا ، أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) (١) ، وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال : (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (٢) ، وقال : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) (٣) ، وقال :
__________________
(١) النمل : ١٦.
(٢) مريم : ٤ ـ ٥.
(٣) الأنفال : ٧٥.