وروى أيضاً في سننه ، حدّثنا أحمد بن صالح ، ثنا عنبسة ، ثنا يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرنا يزيد ين هرمز : أنّ نجدة الحروري حين حجّ في فتنة ابن الزبير ، أرسل إلى ابن عبّاس يسأله عن سهم ذي القربى ، ويقول : لمن تراه؟ قال ابن عبّاس : لقربى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قسّمه لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقنا ، فرددناه عليه ، وأبينا أنْ نقبله (١).
ورواه البخاري (٢) عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب ، عن جبير ، أي نفس سند الروايتين الأوليين ، وكذا النسائي (٣) ، وغيرهم. غير أنّهم قد حذفوا الجملة التى تتحدّث عن منع قربى رسول الله حقّهم ، دفاعاً عن أبي بكر ، وحرصاً على سمعته.
وجاء في معجم البلدان : كان لمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، قالت فاطمة ، رضياللهعنها ، لأبي بكر ، رضياللهعنه : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، جعل لي فدك ، فأعطني إيّاها ، وشهد لها عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه ، فسألها شاهداً آخر ، فشهدت لها أمّ أيمن ، مولاة النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، فقال : قد علمت يا بنت رسول الله ، أنّه لا يجوز إلاّ شهادة رجلين ، أو رجل وامرأتين (٤).
أيضاً ، لم يطبّق أبو بكر القاعدة التي تقول : البيّنة على من ادّعى ، واليمين على من أنكر ، فبغضّ النظر عن أنّ السيّدة فاطمة الزهراء معصومة ، وأذهب الله عنها الرجس وأنّ رضاها رضا الله ، ومن آذاها فقد آذى الله ، بغضّ النظر عن كلّ ذلك ، كان الأولى بأبي بكر على الأقل ، أنْ يعامل السيّدة الزهراء في قضيّتها كأيّ إنسان عاديّ من المسلمين ، لكنّه لم يفعل ذلك ، ورفض حتّى هذا الاعتبار أيضاً ،
__________________
(١) المصدر نفسه.
(٢) صحيح البخاري ٤ : ٥٧.
(٣) سنن النسائي ٧ : ١٣٠.
(٤) معجم البلدان ٤ : ٢٣٩.