ولكنّي في هذا المقام أذكر للقارئ العزيز بعض الروايات عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي كان يسبق الأحداث ، فقام بتحذير عائشة عدّة مرّات من التمرّد على إمام زمانها عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وذكر لها كثير من العلامات لعلّها ترجع عن أفعالها.
روى البخاري في صحيحه ، كتاب فرض الخمس ، باب ما جاء في بيوت أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : حدّثنا موسى بن إسماعيل ، حدّثنا جويرية ، عن نافع ، عن عبد الله رضياللهعنه قال : قام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خطيباً ، فأشار نحو مسكن عائشة فقال : « هنا الفتنة ، ثلاثاً ، من حيث يطلع قرن الشيطان » (١).
روى الحاكم عن عائشة أنّ رسول الله قال : « كيف بإحداكنّ إذا نبحتها كلاب الحوأب » (٢). وذلك حين نبحت عليها الكلاب في ماء الحوأب.
روى أحمد في مسنده ، عن قيس بن أبي حازم ، أنّ عائشة قالت : لمّا أتت على الحوأب ، سمعت نباح الكلاب فقالت : ما أظنّني إلا راجعة ، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لنا : « أيتكنّ تنبح عليها كلاب الحوأب » فقال لها الزبير : ترجعين ، عسى الله عزّ وجلّ أنّ يصلح بك بين الناس (٣).
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : عن عمارة بن عمير ، عمن سمع عائشة إذا قرأت : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) (٤) ، بكت حتّى تبل خمارها. قال أحمد في « مسنده » : حدّثنا يحيى القطان ، عن إسماعيل ، حدّثنا قيس ، قال : لمّا أقبلت عائشة ، فلمّا بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب. فقالت : أيّ ماء هذا؟ قالوا : ماء الحوأب. قالت : ما أظنني إلا أنّني راجعة. قال بعض من كان معها : بل تقدمين ، فيراك المسلمون ، فيصلح الله ذات بينهم. قالت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال
__________________
(١) صحيح البخاري ٤ك ٤٦.
(٢) المستدرك ٣ : ١٢٠.
(٣) مسند أحمد ٦ : ٩٧.
(٤) الأحزاب : ٣٣.