تردون عليّ غرّاً محجّلين من آثار الوضوء ، وليصدنّ عنّي طائفة منكم ، فلا يصلون ، فأقول : يا ربّ ، هؤلاء من أصحابي ، فيجيبني ملك فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك » (١).
وفي صحيح مسلم : عن عبد الله قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « أنا فرطكم على الحوض ، ولأنازعنّ أقواما ، ثُمّ لأغلبنّ عليهم فأقول : يا ربّ اصحابي ، أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » (٢).
وفي صحيح مسلم : حدّثنا أنس بن مالك ، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : « ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صاحبني حتّى إذا رأيتهم ورفعوا إليّ ، اختلجوا دوني ، فلأقولنّ : أي ربّ! أصيحابي ، أصيحابي ، فليقالنّ لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » (٣).
هذه آيات وأحاديث تدلّ على أنّ هناك عدداً من الصحابة سوف ينقلبوا وينكثوا بيعتهم ، وينقضوا عهدهم ، ويغيّروا ، ويبدّلو بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
هذا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يقول قائل : إنّ هؤلاء هم المرتدون ، وقد قاتلهم أبو بكر ، لا يقال ذلك ; لأنّ الذين قاتلهم أبو بكر لم يرتدوا ، بل لم يؤدّوا الزكاة إليه فقط ، حتّى أنّ عمر في البداية استنكر عليه ذلك ، ثُمّ أقرّ على أبي بكر فعله ، وبينت لك ذلك في بحث الموفون بعهدهم من الصحابة.
وأيضاً فإنّ المرتدين كانوا خارج المدينة ، بينما الأحاديث تؤكّد أنّ المبدّلين كانوا صحابة من الدائرة القريبة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى أنّ في بعض الأحاديث يقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها : أصحابي أصحابي .. ، أصيحابي أصيحابي ، والأحاديث التي ذكرناها واضحة الدلالة على ذلك.
__________________
(١) صحيح مسلم ١ : ١٥٠.
(٢) صحيح مسلم ٧ : ٦٧.
(٣) صحيح مسلم ٧ : ٧١.