وروى الطبري في تاريخه : حدّثنا ابن حميد قال : حدّثنا سلمة قال : حدّثنا محمّد بن إسحاق ، عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، أنّ أبا بكر من عهده إلى جيوشه أنْ إذا غشيتهم داراً من دور الناس فسمعتم فيها آذاناً للصلاة فأمسكوا عن أهلها حتّى تسألوهم ، ما الذي نقموا؟
وإنْ لم تسمعوا آذاناً ، فشنّوا الغارة ، فاقتلوا وحرّقوا ، وكان ممّن شهد لمالك بالإسلام أبو قتادة ، الحارث بن ربعي ، أخو بني سلمة ، وقد كان عاهد الله إلا يشهد مع خالد بن الوليد حرباً أبداً بعدها ، وكان يحدّث أنّهم لمّا غشوا القوم تحت الليل فأخذ القوم السلاح ، قال : فقلنا : إنّا المسلمون ، فقالوا : ونحن المسلمون ، قلنا : فما بال السلاح معكم ، قالوا : لنا : فما بال السلاح معكم ، قلنا : فإنْ كنتم كما تقولون فضعوا السلاح ، قال : فوضعوها ، ثُمّ صلّينا وصلّوا ، وكان خالد يعتذر في قتله أنّه قال له وهو يراجعه : ما أخال صاحبكم إلا وقد كان يقول : كذا وكذا قال : أو ما تعدّه لك صاحباً ، ثُمّ قدّمه فضرب عنقه وأعناق أصحابه ، فلمّا بلغ قتلهم عمر بن الخطّاب ، كلّم فيه أبي بكر فأكثر وقال : عدّوا الله عدى على امرئ مسلم فقتله ثُمّ نزا على امرأته ، وأقبل خالد بن الوليد قافلاً حتّى دخل المسجد وعليه قباء له عليه صدأ الحديد ، معتجراً بعمامة له ، قد غرز في عمامته أسهماً ، فلمّا أنْ دخل المسجد ، قام إليه عمر ، فانتزع الأسهم من رأسه فحطّمها ، ثُمّ قال : قتلت امرءاً مسلماً ثُمّ نزوت على امرأته ، والله لأرجمنّك بأحجارك ، ولا يكلّمه خالد بن الوليد ، ولا يظنّ إلاّ أنّ رأي أبي بكر على مثل رأي عمر فيه ، حتّى دخل على أبي بكر ، فلمّا أنّ دخل عليه ، أخبره الخبر واعتذر إليه ، فعذره أبو بكر ، وتجاوز عنه ما كان في حربه تلك ، قال : فخرج خالد حين رضي عنه أبو بكر ، وعمر جالس في المسجد ، فقال له : هلمّ إليّ يا ابن أمّ شملة ، قال : فعرف عمر أنّ أبا بكر قد رضي عنه ، فلم يكلّمه