وإذا كانت أُمّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر تبعث إلى عمر بن الخطاب حين طُعن فتقول له : « استخلف على أُمّة محمّد ولا تدعهم بعدك هملاً ، فإنّي أخشى عليهم الفتنة » (١).
وإذا كان عبداللّه بن عمر يدخل على أبيه حين طُعن فيقول له : « إنّ الناس زعموا أنّك غير مُستخلف ، وإنّه لو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثمّ جاءك وتركها رأيتَ أن قد ضيّع ، فرعاية الناس أشدّ .. » (٢).
وإذا كان أبو بكر نفسه ـ وهو الذي استخلفه المسلمون بالشورى ـ يحطّم هذا المبدأ ويسارع إلى استخلاف عمر من بعده ليقطع بذلك دابر الخلاف والفرقة والفتنة ، وهو الأمر الذي تنبّأ به علي عليهالسلام حينما شدّد عليه عمر لمبايعة أبي بكر فقال له : « احلب حلباً لك شطره ، واشدد له اليوم يردده عليك غداً » (٣).
أقول : إذا كان أبو بكر لا يؤمن بالشورى ، فكيف نصدّق بأنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك الأمر بدون استخلاف؟! وهل أنّه لم يكن يعلم
__________________
١ ـ الإمامة والسياسة لابن قتيبة ١ : ٤٢.
٢ ـ صحيح مسلم ٦ : ٥ ، كتاب الإمارة ، باب الاستخلاف وتركه.
٣ ـ الإمامة والسياسة لابن قتيبة ١ : ٢٩ ، شرح النهج لابن أبي الحديد ٦ : ١١ نقلا عن كتاب السقيفة للجوهري.