لأنّه ليس هناك دليلٌ على أنّ هذا القسم من كلامه هو من عند اللّه ، وذاك القسم هو من عند نفسه ، فيكون في الأوّل معصوماً ، ويكون في الثاني غير معصوم ويحتملُ فيه الخطأ.
أعوذ باللّه من هذا القول المتناقض الذي يبعثُ على الشكّ والطعن في قداسة الأديان.
وهذا يذكّرني بمحاورة دارت بيني وبين جماعة من الأصدقاء بعد استبصاري ، وكنتُ أحاول إقناعهم بأنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم معصوم ، وكانوا يحاولون إقناعي بأنّه معصوم فقط في تبليغ القرآن ، وكان من بينهم أستاذٌ من « توزد » منطقة الجريد (١) ، وهم مشهورون بالذكاء والعلم والنكتة الطريفة ..
ففكّر قليلاً ثم قال : ياجماعة ، أنا عندي رأي في هذه المسألة.
فقلنا جميعاً : تفضّل هات ما عندك.
قال : إنّ ما يقوله أخونا التيجاني على لسان الشيعة هو الحقّ الصحيح ، ويجبُ علينا الاعتقاد بعصمة الرسول المطلقة ، وإلاّ داخلنا الشكّ في القرآن نفسه.
قالوا : ولم ذلك؟
__________________
١ ـ منطقة الجريد بالجنوب التونسي تبعد عن قفصة ٩٢ كم ، وهي مسقط رأس أبو القاسم الشابي الشاعر المعروف ، والخضر حسين الذي ترأس الأزهر الشريف ، والكثير من علماء تونس مولودون في هذه المنطقة ( المؤلّف ).