تغييراً ونقصاناً ، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه ، وهو الذي نصره المرتضى قدّس اللّه روحه ، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب « مسائل الطرابلسيات » ، وذكر في مواضع : إنّ العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب فإنّ العناية اشتدّت ، والدواعي توفّرت على نقله وحراسته ، وبلغتْ إلى حدّ لم تبلغهُ فيما ذكرناه؛ لأنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعيّة ، والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كلّ شيء أختلفَ فيه من إعرابه ، وقراءاته ، وحروفه ، وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد » (١).
وحتّى يتبينّ لك أيها القارئ أنّ هذه التهمة ( نقص القرآن والزياده فيه ) هي أقرب لأهل السنّة منها لأهل الشيعة ، وذلك من الدواعي التي دعتني إلى أن أراجعُ كل معتقداتي؛ لأنّي كلّما حاولتُ انتقاد الشيعة في شيء والاستنكار عليهم إلاّ وأثبتوا براءتهم منه وإلصاقه بي ، عرفتُ أنّهم يقولون صدْقاً ، وعلى مرّ الأيام ومن خلال البحث
__________________
١ ـ مقال الأُستاذ محمّد المديني عميد كلية الشريعة في الجامع الأزهر ، مجلة رسالة الإسلام ، العدد الرابع ، من السنة الحادية عشر : ٣٨٢ و ٣٨٣ ( المؤلّف ).