وأصبحت مسرحاً للمنافقين ، ولأعدائه المُناوئين والمستكبرين ، والطامعين لارتقاء منصّة الخلافة بأىّ ثمن وعلى أيّ طريق ولو بإزهاق النفوس البريئة.
وقد تغيرت أحكام اللّه ورسوله على مرّ تلك السنين الخمس والعشرين ، ووجد الإمام عليّ نفسه وسط بحر لجي وأمواج متلاطمة ، وظلمات حالكة ، وأهواء جامحة ، وقضى خلافته في حروب دامية فُرضتْ عليه فرضاً من الناكثين والقاسطين والمارقين ، ولم يخرج منها إلاّ باستشهاده سلام اللّه عليه وهو يتحسّر على أُمّة محمّد ، وقد طمع فيها الطليق بن الطليق معاوية بن أبي سفيان ، وأضرابه كعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومروان بن الحكم ، وغيرهم كثيرون ، وما جرّأ هؤلاء على مافعلوه إلاّ فكرة الشورى والاختيار.
وغرقت أُمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم في بحر من الدماء ، وتحكّم في مصيرها سفهاؤها وأرذالُها ، وتحوّلت الشورى بعد ذلك إلى الملك العضوض ، إلى القيصرية والكسروية.
وانتهت تلك الفتره التي أطلقوا عليها اسم الخلافة الراشدة ، وبها سمّوا الخلفاء الأربعة بالراشدين ، والحقّ إنّه حتّى هؤلاء الأربعة لم يكونوا خلفاء بالانتخاب والشورى سوى أبي بكر وعليّ ، وإذا استثنينا أبا بكر لأنّ بيعته كانت فلتَة على حين غفلة ولم يحضرها