إذا هم يسخطون * ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله من فضله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون » (١).
ثم بين سبحانه لمن هذه الصدقات فقال : « إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل » (٢) إلى آخر الآية فأعلمنا سبحانه أن رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يضع شيئا من الفرائض إلا في مواضعها بأمر الله تعالى عزوجل ، ومقتضى الصلاح في الكثرة والقلة.
وأما الايمان والكفر والشرك وزيادته ونقصانه فالايمان بالله تعالى هو أعلى الاعمال درجة. وأشرفها منزلة ، وأسماها حظا فقيل له عليه السلام : الايمان قول وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال : الايمان تصديق بالجنان وإقرار باللسان ، وعمل بالاركان وهو عمل كله ، ومنه التام ، ومنه الكامل تمامه ، ومنه الناقص البين نقصانه ، ومنه الزائد البين زيادته.
إن الله تعالى ما فرض الايمان على جارحة من جوارح الانسان إلا وقد وكلت بغير ما وكلت به الاخرى ، فمنه قلبه الذي يعقل به ، ويفقه ويفهم ويحل ويعقد ويريد ، وهو أمير البدن وإمام الجسد الذي لا تورد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه ، وأمره ونهيه ، ومنها لسانه الذي ينطق به ، ومنها أذناه اللتان يسمع بهما ومنها عيناه اللتان يبصربهما ، ومنها يداه اللتان يبطش بهما ، ومنها رجلاه اللتان يسعى بهما ، ومنها فرجه الذي الباء من قبله ، ومنها رأسه الذي فيه وجهه.
وليس جارحة من جوارحه إلا وهو مخصوصة بفريضة ، فرض على القلب غير مافرض على السمع ، وفرض على السمع غير ما فرض على البصر ، وفرض على البصر غيرما فرض على اليدين ، وفرض على اليدين غير مافرض على الرجلين ، وفرض على الرجلين غيرما فرض على الفرج ، وفرض على الفرج غيرما فرض على الوجه ، وفرض على الوجه غير ما فرض على اللسان.
__________________
(١) براءة : ٥٨ ٥٩.
(٢) براءة : ٦٠.