ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين » أي الزموا طاعة الله أن لا تطلبوا ما لا تستحقونه ، فما كان لله تعالى ولرسوله فهو للامام.
وله نصيب آخر من الفئ والفئ يقسم قسمين ، فمنه ما هو خاص للامام وهو قول الله عزوجل في سورة الحشر : « ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل » (١) وهي البلاد التي لا يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب.
والضرب الآخر ما رجع إليهم مما غصبوا عليه في الاصل قال الله تعالى : « إني جاعل في الارض خليفة » (٢) فكانت الدنيا بأسرها لآدم عليه السلام إذ كان خليفة الله في أرضه ، ثم هي للمصطفين الذين اصطفاهم وعصمهم فكانوا هم الخلفاء في الارض فلما غصبهم الظلمة على الحق الذي جعله الله ورسوله لهم ، وحصل ذلك في أيدي الكفار صار في أيديهم على سبيل الغصب حتى بعث الله تعالى رسوله محمدا صلىاللهعليهوآله فرجع له ولاوصيائه ، فماكانوا غصبوا عليه ، أخذوه منهم بالسيف ، فصار ذلك مما أفاء الله به ، أي مما أرجعه الله إليهم.
والدليل على أن الفئ هو الراجع قوله تعالى : « للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فان فاؤا فان الله غفور رحيم » (٣) أي رجعوا من الايلاء إلى المناكحة ، وقوله عزوجل : « وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحديهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي ء إلى أمر الله » (٤) أي ترجع ويقال لوقت الصلاة : فاذا فاء الفئ أي رجع الفئ فصلوا.
وأما وجه العمارة فقوله « هو أنشأكم من الارض واستعمر كم فيها » (٥) فأعلمنا سبحانه أنه قد أمرهم بالعمارة ليكون ذلك سببا لمعايشهم بما يخرج من الارض من الحب والثمرات ، وما شاكل ذلك مما جعله الله تعالى معايش للخلق.
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) البقرة : ٣٠.
(٣) البقرة : ٢٢٦.
(٤) الحجرات : ٩.
(٥) هود : ٦١.