فلم يجيبوه بشئ ، ولزمتهم الحجة فلم يقروا بل لزموا السكوت ، فأنزل الله تعالى عليه « فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين » (١).
فلما دعاهم إلى المباهلة علماؤهم : لو باهلنا بأصحابه باهلناه ، ولم يكن عندنا صادق في قوله ، فأما أن يباهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله ... وأعطوه الرضا وشرط عليهم الجزية والسلاح حقنا لدمائهم ، وانصرفوا.
وأما السبب الذي به بقاء الخلق فقد بين الله عزوجل في كتابه أن بقاء الخلق من أربع وجوه : الطعام والشراب واللباس والكن والمناكح للتناسل مع الحاجة في ذلك كله إلى الامر والنهي ، فأما الاغذية فمن أصناف النبات والانعام المحلل أكلها قال الله تعالى في النبات « إنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الارض شقا * فأبنتنافيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولانعامكم » (٢) وقال تعالى « أفرأيتم ما تحرثون * ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون » (٣) وقال سبحانه « والارض وضعها للانام * فيها فاكهة والنخل ذات الاكمام * والحب ذو العصف والريحان » (٤) وهذا وشبهه مما يخرجه الله تعالى من الارض سببا لبقاء الخلق.
وأما الانعام فقوله تعالى : « والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون » (٥) الآية وقوله سبحانه « وإن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين » (٦).
وأما اللباس والاكنان قوله تعالى « والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم
__________________
(١) آل عمران : ٦١.
(٢) عبس : ٢٥ ٣٢.
(٣) الواقعة : ٦٣ ٦٤.
(٤) الرحمن : ١٠ ١٢.
(٥) النحل : ٥ ٦.
(٦) النحل : ٦٦.