جلت عظمته ، وهذا احتجاج لا يمكن الزنادقة دفعه بحال ، ولا يجدون حجة في إنكاره.
ومثله قوله تعالى « أولم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهوبكل خلق عليم » (١) فرد سبحانه عليهم احتجاجهم بقوله : « قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم » إلى آخر السورة.
وأما الرد على الدهرية الذين يزعمون أن الدهر لم يزل أبدا على حال واحدة ، وأنه ما من خالق ، ولا مدبر ، ولا صانع ، ولا بعث ، ولا نشور قال تعالى حكاية لقولهم « وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى وما يهلكنا إلا الدهر ومالهم بذلك من علم » (٢) « وقالوا أئذاكنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا أوخلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة » (٣) ومثل هذا في القرآن كثير.
وذلك رد على من كان في حياة رسوالله صلىاللهعليهوآله يقول هذه المقالة ممن أظهر له الايمان وأبطن الكفر والشرك ، وبقوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله وكانوا سبب هلاك الامة فرد الله تعالى بقوله « يا أيها الذين إن كنتم في ريب من البعث فانا خلقنا كم من تراب ثم من نطفة إلى قوله سبحانه لكيلا يعلم بعد علم شيئا » (٤) ثم ضرب للبعث والنشور مثلا فقال تعالى « وترى الارض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء هتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى » (٥) وماجرى ذلك في القرآن.
وقوله سبحانه في سورة ق ردا على من قال « أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد » (٦) « قد علمنا ما تنقص الارض منهم » إلى قوله سبحانه « فأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج » (٧) وهذا وأشباهه رد على الدهرية والملحدة ممن أنكر البعث
__________________
(١) يس : ٧٨ ٨٣.
(٢) الجاثية : ٢٤.
(٣) أسرى : ٤٩ ٥١.
(٤ ـ ٥) الحج : ٥.
(٦) ق : ٣.
(٧) ق : ٤ ـ ١٠.