وإشارات ، تعوز الإنسان كي يلتقطها من ناحية الكيفية والحالة ، بحيث يصبح بمستطاعه التعرف على الطرائق التي يتلقى عبرها ذاك الشعور بالميل والدافع من منبعه الأصلي.
ودعونا قبل أن تنحرف الفكرة عن محجتها ، أن نؤكد أنّ الميل الذي تعنى به هذه الأسطر ، هو ذاك البعد من الفطرة ، والتي تشير إليها كلمات الإمام عليّ عليهالسلام عند مواصلة إفصاحه عن طبيعة الكون والخلق ، ولعلّنا نجد في كلماته هنا المنهل الأكثر عذوبة في دراسة الأحوال النفسية التي تتراكم فوقها الحاجات فتحيد بالمرء عن بلوغ قصاراه ، ونقرأ هنا هذا الشاهد.
يقول عليهالسلام : « واصطفى سبحانه من ولده ـ أي آدم ـ أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم ، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم ( لمّا بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم ) (١) » (٢) ، ونضع بين قوسين كلمات تفيد الإنسان الذي يتحدث ( كانت ) عن ارتباطه الكوني الضروري ، وهو إنسان تلهج ذاته نحو عوالم تداخل معها ، ولا يجد له من محيص عن الإقرار بها.
لكن الواقع أن تسمية هذا الأمر هي محل العناية ، فبأي طرائق المعرفة يصل إدراك وجوده ، لعله بطريق الاستماع إلى الإيقاع
________________________
١ ـ اخذ عليهم الميثاق أن يبلغوا ما اوحي اليهم ، ويكون ما بعده بمنزلة التأكيد له وأخذ عليهم أن لا يشرعوا للناس إلاّ ما يوحي إليهم وهو المقصود. بميثاق الفطرة.
٢ ـ انظر : نهج البلاغة : الخطبة ١.