شخصية كل من المتعلم والعالم تختلف من فرد إلى آخر ، لذلك فإن الإمام عليّ عليهالسلام يركز أساساً على تربية الإنسان ويسعى أن يرشده سواء السبيل.
فإذا صعد عليّ عليهالسلام المنبر تمنى أن يسمع منه الناس جميعاً ، وأن يأخذوا منه ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ، أو بتعبيره عليهالسلام : أتمنى أن يعشوا إلى ضوئي ، فهو كالشمس تعطي دفئها ونورها للجميع دون تمييز ، ومع ذلك فإن الإمام يركز في الوقت نفسه على عدد من الناس ليطور وعيهم ويزكي ايمانهم ليجعل منهم نموذجاً متميزاً وقدرة حسنة.
ويركز الإمام أيضاً على الفروق الفردية لشخصيات الناس ، فيقول : « إن هذه القلوب أوعية ، فخيرها أوعاها » (١) ، ثم يتناول في قضية العلم والتعلم موضوع المسؤولية فيقول في نصب نفسه للناس إماماً : « من نصب نفسه للناس إماماً فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه ، ومعلم نفسه ومؤدّبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم » (٢).
وهذا تأكيد على ضرورة التعلم والفهم والاستيعاب وضرورة تعميق فهم أية مسألة من المسائل ، وإن مسألة الدراية تعني أن الناس
__________________
١ ـ نهج البلاغة : قصار الحكم ١٣٩.
٢ ـ نهج البلاغة : قصار الحكم ٦٨.