بينما عندما نتأمل في توصيف عليّ عليهالسلام لمحمدٍّ صلىاللهعليهوآله ، فإننا نكاد نتلمس كلاماً في أعماق الكلام ، يدلّ بشكل غير بعيد المنال ، على أن ثمة دمج تام بين محمد صلىاللهعليهوآله النبيّ الرسول وبين النبوّة والرسالة ، هذا مثلا عند قوله عليهالسلام : « قد صُرفت نحوه أفئدة الأبرار ، وتنبت إليه أزمّة الأبصار » (١).
سبق أن قلنا أن الغاية من ايفاد الرسل بحسب الآي الكريم ، هي أن يقوم الناس بالقسط ، هذا من جهة سلامة عيش الناس في الدار الدنيا ، وهم عليها لمكافؤون ، ولكن هنالك في عمق اللحظة البشرية عمق الحقيقة ، ثمة ضوء الحق الذي تنجذب نحوه الأفئدة ، وهي هنا جوهر ، كينونه ، ليست وظيفة ، فالذي تنصرف إليه الأفئدة بذاته أمر يتعلّق الأمر به ، لكن الذي تنصرف إليه الأبصار ، فإنّه جوهر نبوّة ، جوهر صفوة إلهية ، بذلك تكون النبوّة إحدى ملكاته التي تعبّر عنه ، وإن كان هو الذي في الواقع يعبر عنها ، ومن يكون ميلان الأبصار بكليتها نحوه ، معناه أنه ملاذ كل مخلوق ، عندما ينكشف عنه حجاب الظلمة أو ينزل منازل الأبرار ، ونجد أن عليّ عليهالسلام عندما يتحدّث عن رفقته برسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « أنا من رسول الله كالصنو من الصنو » (٢) ويدلنا على نفسه بطرائق ايضاحه للحقيقة المحمدية ، فهو في كل مرة
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٩٥.
٢ ـ نهج البلاغة : كتاب ٤٥ ، وقد مرّ.