الرسالة والنبوة إلى محمد صلىاللهعليهوآله ، يقول في وصف الأنبياء : « فاستودعهم في أفضل مستودع ، وأقرّهم في خير مستقر ، تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام ، كلّما مضى منهم سلف ، قام منهم بدين الله خلف ، حتى أفضت كرامة الله سبحانه إلى محمد ( صلى الله عليه وآله ) فأخرجه من أفضل المعادن منبتاً ، وأعز الأرومات مغرساً ، من الشجرة التي صدع منها أنبياءه ، وانتجب منها أمناءه ، عترته خير العتر ، وأسرته خير الأسر ، وشجرته خير الشجر ، نبتت في حرم ، وبسقت في كرم ، لها فروع طوال ، وثمرة لا تنال ، فهو إمام من اتقى ، وبصيرة من اهتدى ، وسراج لمع ضوؤه ، وشهاب ساطع نوره ، وزند برق لمعه ، سيرته القصد ، وسنته الرشد ، وكلامه الفصل ، وحكمه العدل » (١).
فإذا تأملنا في كلمات هذا التعريف بمحمد صلىاللهعليهوآله من قبله عليهالسلام ، رأينا أن لهذا التوصيف أبعاد شتى ، وإذا أخذنا مثلا جملة : ( الشجرة التي صدع منها أنبيائه ) ، أو جملة : ( هو امام من اتقى ، وبصيرة من اهتدى ) ، أو تلقفنا قوله : ( سراج لمع ضوؤه ، وشهاب سطع نوره ) ، سوف نجد استقراراً لمكين الحبّ في عمق نفسه له ، فمن ذا الذي أفرد نفسه للدفاع عنه ، منذ ليلة الهجرة حتى لحظة التحاقه بباريه سبحانه.
إنّ في هذه الكلمات توسع ، فالذي آمن برسالة محمد صلىاللهعليهوآله ليس
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٩٣.