فهو الذي يحيله إليه ، يقول سبحانه : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) (١) ، لكن هذا الإخراج كما لاحظنا مشروط وفق القانون الإلهي بالإيمان ، والإيمان كما بيناه في بحث الفطرة لا يأتي من غير دين ، وإذا كنا قد بلغنا في متابعتنا لمسيرة النفس الإنسانية وما تحمله من قابليات ، وتبيّن لدينا أنّ الإنسان بطبعه منصّت إلى نداء داخلي يتعلق به من قبيل الاعتقاد ، وسقنا على ذلك شواهده العلمية ، نصل بعد ذلك إلى حتمية أوردها الإمام علي عليهالسلام في كلماته ، المفتاح الذي يفتح قفل هذا الأمر ، وهو كلامه الآتي يقول : « أول الدين معرفته ـ أي الله ـ » (٢).
واللافت يقيناً أن هذا القول لا ينحصر بالإسلام ، وإن كان لا يرى فوق أو غير الإسلام ديناً ، إنّما هذا يلفت إلى الأديان كلّها باعتباره يصرّح بالأوليات التي تبنى عليها فيما بعد النتائج ، وهو يسلسل هذه النتائج معتمداً هذه النقطة الأولية على أنّها مفتاح البداية ( أوّل الدين معرفة الله ) ، والذي يقودنا إلى هذا ، هو أن الله سبحانه خلق الخلائق وهداها إلى نوره ، فمنذ البدء ثمّة هذه الأولية ، منذ تكوين الناس وإعمارهم للحياة ، وهو الذي فطرت عليه الإنسانية ، وهنا نملك أن نقول : إنّ المعرفة بالضرورة توصل إلى الإيمان.
__________________
١ ـ البقرة : ٢٥٧.
٢ ـ أنظر : نهج البلاغة : الخطبة ١.