وقبل الخوض في عرضها ، علينا العود إلى إستذكار عنصر واحد من عناصر التضبيب على آرائه ، فهو من ألدّ أعدائه وإن عدَّوه من مواليه. وذلك هو مولاه عكرمة الخارجي البربري ، الذي كان يكذب عليه ، واشتهر بهذا حتى صار مضرب المثل في كذب الموالي على مواليهم.
فقد قال ابن عمر لمولاه نافع : ( اتق الله ويحك يا نافع لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس ) (١).
وقال سعيد بن المسيب لغلامه برد : ( يا برد لا تكذب عليَّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس ) (٢).
ولكثرة كذبه بعد موت مولاه قيّده علي بن عبد الله بن عباس على باب الحشّ ـ الكنيف ـ فسأله يزيد بن أبي زياد ما لهذا؟ قال : إنّه يكذب على أبي (٣).
وقد مرّ هذا ونحوه في ترجمته في تلاميذه في الجزء الأوّل من هذه الحلقة ، وسوف يأتي في الحلقة الرابعة عنه من أكاذيبه على مولاه ما يسقطه عن أيّ اعتبار.
فهذا الخبيث ـ كما سماه ابن عباس ـ لقد أساء كثيراً إلى مولاه ، حتى زعم فيه أنّه كان من الخوارج ، ومنه تسرّبت تلك الفرية إلى بعض كتبهم ، وقد ذكرت في ( الحلقة الأولى ) في ( محض هراء وافتراء بلا حياء ) شيئاً عن تلك الفرية (٤).
____________________
(١) تهذيب التهذيب ٧ / ٢٦٧.
(٢) نفس المصدر ٧ / ٢٦٨.
(٣) نفس المصدر.
(٤) موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى ٤ / ٢٢٤.