« وأحصى عددك » أي ما أشد إحصاءك لعدد الاشياء « وضرع » بتثليث الراء أي خضع وذل واستكان.
« في مجلس وقارك » (١) أي في المنزلة الرفيعة التي ظهر فيها وقارك وحلمك « قضاؤه » أي حكمه بالثواب والعقاب « من له ملكوت كل شئ » أي ملكه وله التصرف فيه على أي وجه أراد.
« لا تدركه الابصار » قال الكفعمي ره : أي لا تراه العيون لان الادراك متى قرن بالبصر لم يفهم منه إلا الرؤية كما أنه إذا قرن بآلة السمع فقيل أدركته باذني لم يفهم منه إلا السماع ، وكذلك إذا اضيف إلى كل واحد من الحواس أفاد ما تلك الحاسة آلة فيه ، مثل أدركته بفمي أي وجدت طعمه ، وأدركته بأنفي أي وجدت رايحته ، والمعنى لا تدركه ذووا الابصار وهو يدرك ذوي الابصار أي المبصرين أي أنه يرى ولا يرى ، وبهذا خالف سبحانه جميع الموجودات ، لان منها ما يرى ويرى كالاحياء ; ومنها ما يرى ولا يرى كالجمادات والاعراض المدركة (٢) فالله تعالى خالف جميعها وتفرد بأن يرى ولا يرى ، وتمدح سبحانه بمجموع الامرين كما تمدح في الاية الاخرى بقوله : « هو يطعم ولا يطعم » (٣).
وروي أن ذا الرياسين الفضل بن سهل سأل الرضا عليهالسلام عما اختلف الناس فيه من الرؤية ، فقال عليهالسلام : من وصف الله تعالى بخلاف ما وصف به نفسه فقد أعظم الفرية على الله ، لا تدركه الابصار أي الابصار التي في القلوب وليست هي الاعين أي لا يقع عليه الاوهام ولا يدرك كيف هو؟ قاله الطبرسي في مجمع البيان (٤).
« أمرا » لعله حال عن محمد أو عن نبيك أو هو معمول مقدر أي كانا أمرا « فيما
____________________
(١) الدعاء ص ١٥٨.
(٢) زاد في هامش الجنة ص ١٠٦ : ومنها ما لا يرى ولا يرى كالاعراض غير المدركة.
(٣) الانعام : ١٤.
(٤) مجمع البيان ج ٤ ص ٣٤٤ في آية الانعام : ١٠٣.