ذاته ، والعرب تذكر الوجه وتريد صاحبه ، فيقولون أكرم الله وجهك : أي أكرمك الله.
« الذي عنت له الوجوه » الضمير في « له » فيه وفيما بعده إلى الجلال المتقدم آنفا ، وعنت أي خضعت وذلت ، وقيل المراد بالوجوه الرؤساء والملوك ، أي صاروا كالعناة ، وهم الاساري « وخشعت له الاصوات » أي خفضت وخفيت إشارة إلى قوله سبحانه « وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا » (١) والوجل الخوف « أن تقع » المعنى أن لا تقع وأن لا تزولا « إلا باذنك » أي بمشيتك وأمرك.
« وبمشيتك التي دان لها العالمون » قال ره مشية الله تعالى إرادته ، ودان أي ذل وأطاع ، وفي بعض النسخ « كان له العالمون » من التكون ، هو الوجود و العالم اسم لاولي العلم من الملائكة والثقلين ، وقيل هو اسم لما يعلم به الصانع من الجواهر والاعراض ، وقيل العالمون أصناف الخلق.
« وبكلمتك التي خلقت بها السموات والارض » قال ره : أي مشيتك وأمرك والكلمة ترد كناية عن معان كثيرة.
« وبحكمتك التي صنعت بها العجائب » قال صاحب كتاب الحدود : الحكمة تستعمل في العلم ، فاذا استعملت في الفعل فالمراد به كل فعل حسن وقع من العالم لحسنه ، والحكيم من تكون أفعاله محكمة ، والاحكام كون الفعل مطابقا للنفع المطلوب منه ، والعجائب جمع عجيبة والاعاجيب جمع اعجوبة.
وقال المقداد في لوامعه : الفرق بين الصانع والخالق والبارئ أن الصانع هو الموجد للشئ المخرج له من العدم إلى الوجود ، والخالق هو المقدر للاشياء على مقتضى حكمته سواء خرج إلى إلى الوجود أم لا ، والبارئ هو الموجد لها من غير تفاوت ، والمميز لها بعضا عن بعض بالصور والاشكال ، وقال : الجعل هنا بمعنى
____________________
(١) طه : ١٠٨.