لصلاح يعلمه بشئ ثم تعبدكم في وقت آخر لصلاح آخر يعلمه بشئ آخر ، فاذا أطعتم الله في الحالين استحققتم ثوابه وأنزل الله « ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله » أي اذا توجهتم بأمره فثم الوجه الذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ياعباد الله أنتم كالمرضى ، والله رب العالمين كالطبيب فصلاح المرضى فيما يعلمه الطبيب يدبره به لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه ، ألا فسلموا لله أمره تكونوا من الفائزين. فقيل له : يا ابن رسول الله فلم أمر بالقبلة الاولى؟ فقال : لما قال الله عزوجل « وماجعلنا القبلة التي كنت عليها » وهي بيت المقدس « إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه » إلا لنعلم ذلك منه موجودا بعد أن علمناه سيوجد وذلك أن هوى أهل مكة كان في الكعبة ، فأراد الله أن يبين متبع محمد من مخالفه باتباع القبلة التي كرهها ، ومحمد صلىاللهعليهوآله يأمر بها ، ولما كان هوى أهل المدينة في بيت ، المقدس أمرهم بمخالفتها والتوجه إلى الكعبة ليبين من يوافق محمدا فيما يكرهه ، فهو مصدقه وموافقه.
ثم قال : « وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله » إنما كان التوجه إلى بيت المقدس في ذلك الوقت كبيرة إلا على من يهدي الله ، فعرف أن الله يتعبد بخلاف مايريده المرء ، ليبتلي طاعته في مخالفة هواه (١).
بيان : قوله عليهالسلام أو ستة عشر شهرا ليس هذا في بعض النسخ ، وعلى تقديره الترديد إما من الراوي أو منه عليهالسلام مشيرا إلى اختلاف العامة فيه.
١٣ ـ تفسير علي بن ابراهيم : « سيقول السفهاء من الناس ماوليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها » فان هذه الآية متقدمة على قوله : « قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها » وإنه نزل أولا « قد نرى تقلب وجهك في السماء » ثم نزل « سيقول السفهاء » الآية ، وذلك أن اليهود كانوا يعيرون رسول الله صلىاللهعليهوآله
____________________
(١) الاحتجاج : ٢٢ و ٢٣ ، نقلا من تفسير أبي الحسن محمد بن القاسم المفسر الاسترابادى الخطيب الذى وضعه ونسبه إلى الامام العسكرى عليه السلام راجعه ص ٢٢٤ ٢٢٥.