وبين النافلة لم أره في كلام الاصحاب ، ولعله يؤيد القول بعدم وجوب الاستقبال في النافلة مطلقا كما مر.
١٢ ـ الاحتجاج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليهالسلام قال : لما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله بمكة أمره الله تعالى أن يتوجه نحو البيت المقدس في صلاته ، ويجعل الكعبة بينه وبينها إذا أمكن ، وإذا لم يتمكن استقبل البيت المقدس كيف كان ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يفعل ذلك طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة ، فلما كان بالمدينة وكان متعبدا باستقبال بيت المقدس استقبله وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا ( أو ستة عشر شهرا ) وجعل قوم من مردة اليهود يقولون : والله مادرى محمد كيف صلى حتى صار يتوجه إلى قبلتنا ، ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا.
فاشتد ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآله لما اتصل به عنهم ، وكره قبلتهم ، وأحب الكعبة ، فجاءه جبرئيل عليهالسلام فقال له رسول الله : ياجبرئيل لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس إلى الكعبة فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود ومن قبلتهم ، فقال جبرئيل : فاسئل ربك أن يحولك إليها فانه لايردك عن طلبتك ولايخيبك من بغيتك.
فلما استتم دعاءه صعد جبرئيل عليهالسلام ثم عاد من ساعته فقال اقرء يامحمد « قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره » الآيات فقالت اليهود عند ذلك : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ، فأجابهم الله بأحسن جواب فقال : « قل لله المشرق والمغرب » وهو يملكهما وتكليفه التحول إلى جانب كتحويله إلى جانب آخر « يهدي من يشآء إلى صراط مستقيم » وهو مصلحتهم وتؤديهم طاعتهم إلى جنات النعيم.
قال أبومحمد عليهالسلام : وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا يا محمد هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربع عشرة سنة ثم تركتها الآن ، أفحقا كان ماكنت عليه فقد تركته إلى باطل ، فانما يخالف الحق الباطل ، أو باطلا كان ذلك فقد كنت عليه طول هذه المدة ، فما يؤمننا أن تكون الآن على باطل؟