بيان : ظاهر الخبر بطلان الصلاة بالالتفات سواء كان إلى الخلف أو اليمين واليسار ، وسواء كان بالوجه فقط أو بكل البدن ، والمشهور ، أن الالتفات بالوجه إذا كان إلى الخلف وبكل البدن مطلقا مبطل ، إذا كان عمدا ، ويظهر من الشهيد في الذكرى والبيان أن الاطلاق المأخوذ في كل البدن أعم من أن يكون يسيرا لم يبلغ المشرق والمغرب ، أو بلغ أحدهما ، وأما بالوجه فقط إذا كان إلى أحد الجانبين فقط فليس بمبطل ، وظاهر المنتهى اتفاق الاصحاب عليه ، وفي المعتبر والتذكرة نسب مخالفته إلى بعض العامة ، ونقل عن الشيخ فخر الدين القول بالبطلان.
وحكى الشهيد في الذكرى عن بعض مشايخه المعاصرين أنه كان يرى أن الالتفات بالوجه يقطع الصلاة مطلقا ، والالتفات بالوجه في كلامه أعم من أن يصل إلى محض الجانبين أم كان إلى مابين القبلة والجانبين ، وربما كان مستنده أمثال تلك الروايات ، وحملها الشهيد في الذكرى على الالتفات بكل البدن لما رواه زرارة (١) في الصحيح عن أبي جعفر عليهالسلام قال : الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله ، وقد يقال : إن هذا مقيد بمنطوق قوله عليهالسلام في رواية (٢) الحلبي « أعد الصلاة إذا كان فاحشا » فان الظاهر تحقق التفاحش بالالتفات بالوجه خاصة إلى أحد الجانبين.
وجميع ماذكرنا في صورة العمد ، وأما السهو ففي كلام الاصحاب فيه اختلاف وتدافع ، فيظهر من بعض كلماتهم أنه في حكم العمد ، ومن بعضها أنه لايعيد مطلقا ومن بعضها أنه يعيد في الوقت دون خارجه ، ومن بعضها التفصيل الآتي في الصلاة إلى غير القبلة بالظن فتبين خلافه كما أومأنا إليه سابقا.
وقال السيد في المدارك : إذا كان يسيرا لا يبلغ حد اليمين واليسار لم يضره ذلك ، وإن بلغه وأتى بشئ من الافعال في تلك الحال أعاد في الوقت وإلا فلا إعادة والاظهر أن العامد إن انحرف بكل البدن عن القبلة بحيث خرج عن الجهة ، وإن لم يصل إلى حد اليمين واليسار تبطل صلاته ، وكذا إذا التفت بوجهه حتى وصل إلى
____________________
(١) التهذيب ج ١ ص ١٩٢.
(٢) التهذيب ج ١ ص ٢٢٨.