٦ ـ النهاية للشيخ : قال : من توجه إلى القبلة من أهل العراق والمشرق قاطبة ، فعليه أن يتياسر قليلا ، ليكون متوجها إلى الحرم ، بذلك جآء الاثر عنهم عليهماالسلام (١).
توفيق وتدقيق وتنقيح وتوضيح
اعلم أن القبلة في اللغة الحالة التي عليها الانسان حال استقبال الشئ ، ثم نقلت في العرف إلى مايجب استقبال عينه أو جهته في الصلاة ، واختلف الاصحاب فيما يجب استقباله ، فذهب المرتضى وابن الجنيد وأبوالصلاح وابن إدريس والمحقق في المعتبر والنافع والعلامة وأكثر المتأخرين إلى أنه عين الكعبة لمن يتمكن من العلم بها ، من غير مشقة كثيرة عادة ، كالمصلي في بيوت مكة ، وجهتها لغيره.
وذهب الشيخان وجماعة منهم سلار وابن البراج وابن حمزة والمحقق في الشرايع إلى أن الكعبة قبلة لمن كان في المسجد ، والمسجد قبلة لمن كان في الحرم والحرم قبلة لمن كان خارجا عنه ، ونسبه في الذكرى إلى أكثر الاصحاب وادعى الشيخ الاجماع عليه.
والظاهر أنه لا خلاف بين الفريقين في وجوب التوجه إلى الكعبة للمشاهد ومن هو بحكمه ، وإن كان خارج المسجد ، فقد صرح به من أصحاب القول الثاني الشيخ في المبسوط وابن حمزة وابن زهرة ونقل المحقق الاجماع عليه ، لكن ظاهر كلام الشيخ في النهاية والخلاف يخالف ذلك ، وأيضا الظاهر أن الفريق الثاني أيضا متفقون على أن فرض النائي الجهة (٢) لا التوجه إلى عين الحرم ، وإن لم يصرحوا بذلك ، للاتفاق على وجوب التعديل على الامارات عند تعذر المشاهدة ومعلوم أنها لاتفيد العلم بالمقابلة الحقيقية ، لكن المتأخرين فهموا من كلام الفريق
____________________
ويسارها من جانب الحجر والميزاب والمراد باليمين واليسار في هذا الخبر وخبر المفضل يمين المستقبل ويساره ، فلا تغفل ، منه عفى عنه.
(١) النهاية : ١٤.
(٢) وذلك لقوله تعالى « فولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام » والشطر : الناحية والجهة.