« ولكن البر من آمن بالله » بأنه الواحد الاحد الفرد الصمد ، يعظم من يشاء ، ويكرم من يشاء ، ويهين من يشاء ، ويذله ، لاراد لامره ، ولا معقب لحكمه وآمن « باليوم الآخر » يوم القيامة التي أفضل من بوئ فيها محمد سيد المرسلين ، وبعده أخوه ووصيه سيد الوصيين ، والتي لايحضرها من شيعة محمد أحد إلا أضاءت فيها أنواره فسار فيها إلى جنات النعيم ، هو وإخوانه وأزواجه وذرياته ، والمحسنون إليه ، والدافعون في الدنيا عنه إلى آخر مامر بطوله.
« وأقيموا وجوهكم » (١) قال الطبرسي رحمه الله (٢) قيل : فيه وجوه أحدها أن معناه توجهوا إلى قبلة كل مسجد في الصلاة على استقامة ، وثانيها أن معناه أقيموا وجوهكم إلى الجهة التي أمركم الله بالتوجه إليها في صلاتكم وهي الكعبة والمراد بالمسجد أوقات السجود وهي أوقات الصلاة ، وثالثها أن المراد إذا أدركتم الصلاة في مسجد فصلوا ولا تقولوا حتى أرجع إلى مسجدي ، والمراد بالمسجد موضع السجود ورابعها أن معناه اقصدوا المسجد في وقت كل صلاة أمرا بالجماعة لها ندبا عند الاكثرين وحتما عند الاقلين ، وخامسها أن معناه أخلصوا وجوهكم لله في الطاعات ولاتشركوا به وثنا ولا غيره.
____________________
صوروا تمثال المسيح وجعلوه على صليب وعلقوه في الكنيسة وصلوا اليه ، من دون رعاية المشرق والمغرب.
وأما اليهود فكانوا يستقبلون أرض القدس : البيت المقدس ففي المدينة كانوا يتجهون المغرب مائلا إلى سمت الجنوب بدرجات ، وأما في البلدان المغربية كبلاد مصر وماوالاها يلزمهم أن يتجهوا إلى المشرق كما هو ظاهر ، فعلى هذا تعريض الاية ان كان إلى اليهود والنصارى وأن قبلتهم المشرق والمغرب لاينفعهم ، فانما هم يهود المدينة ونصاراها ، لا كل البلاد.
(١) الاعراف : ٢٩.
(٢) مجمع البيان ج ٤ ص ٤١١.