أين ندعوه؟ فأنزل الله الآية ، وقال أبوالعالية : لما صرفت القبلة قالت اليهود : ليس لهم قبلة معلومة ، فتارة يصلون هكذا ، وتارة هكذا فنزلت.
وقال البيضاوي : وقيل هذه الآية توطئة لنسخ القبلة وتنزيه للمعبود أن يكون في حيز وجهة ، وعلى هذه الاقوال ليست بمنسوخة ، وقيل كان للمسلمين التوجه في صلاتهم حيث شاؤا ثم نسخت بقوله « فول » وهذا غير ثابت ، بل الاخبار تدل على خلافه ، ثم إنها على بعض التفاسير تدل على إباحة الصلاة في أي مكان كان.
« إن الله واسع » علما وقدرة ورحمة وتوسعة على عباده « عليم » بمصالح الكل وما يصدر عن الكل في كل مكان وجهة.
« سيقول السفهاء » الخفاف الاحلام من الناس ، قيل هم اليهود لكراهتهم التوجه إلى الكعبة ، وأنهم لايرون النسخ ، وقيل المنافقون لحرصهم على الطعن والاستهزاء وقيل المشركون قالوا : رغب عن قبلة آبائه ثم رجع إليها وليرجعن إلى دينهم ، وقيل : يريد المنكرين لتغيير القبلة من هؤلاء جميعا « ماوليهم » حرفهم « عن قبلتهم التي كانوا عليها » يعني بيت المقدس والقبلة كالجلسة في الاصل الحال التي عليها الانسان من الاستقبال ثم صارت لما يستقبله في الصلاة ونحوها.
وفائدة الاخبار به قبل وقوعه أن مفاجأة المكروه أشد ، والعلم به قبل وقوعه أبعد من الاضطراب إذا وقع ، لما يتقدمه من توطين النفس ، وأن يستعد للجواب فان الجواب العتيد قبل الحاجة اليه أقطع للخصم بل ربما كان علم الخصم بمعرفة ذلك منهم واستعدادهم للجواب رافعا لاهتمامه ، على أنه سبحانه ضمن هذا الاخبار من حقارة الخصوم وسخافة عقولهم وكلامهم مافيه تسلية عظيمة ، وعلم الجواب المناسب ، وقارنه بألطاف عظيمة ، وفي كل ذلك تأييد وتعظيم له وللمسلمين وحفظ لهم عن الاضطراب وملاقاة المكروه.
« قل لله المشرق والمغرب » له الارض والبلاد والعباد ، فيفعل فيها مايشاء ويحكم مايريد ، على مقتضى الحكم ، ووفق المصلحة ، وعلى العباد الانقياد والاتباع ، فبعد أمر الله بذلك لايتوجه الانكار وطلب العلة والمصلحة ، فلا يبعد أن يكون المقول في الجواب هذا المقدار لا غير ، كما هو المناسب لترك تطويل الكلام مع السفهاء ، و