هذا إذا أمكننا القطع بأن جميع هذه الكتب فى المتشابه الذى تناوله القاضى دون المتشابه اللفظى ، ولعل هذا مما يمكن القطع به ؛ لأن المعتزلة إنما كان يعنيهم فى الذود عن الإسلام والرد على الخصوم ، هذا النوع من المتشابه دون المتشابه اللفظى ، القريب من طبيعة القراء دون المتكلمين ، ولأن القاضى ذكر فى مقدمة كتابه أن كتب مشايخه مشحونة بذكر هذا الباب ـ المتشابه ـ « ليبينوا أن القوم ـ المجبرة ونحوهم ـ كما خرجوا عن أدلة العقول ، فكذلك عن الكتاب » وكل هذا مما لا يعتد به فى المتشابه اللفظى بالطبع!
ولا ندرى بعد ذلك ما هو وجه عدم ذكر كتاب بشر بن المعتمر فى الكتب المؤلفة فى المتشابه ، وعدم التعرض لكتاب ابن الخلال إلا من خلال الحديث عن حياته ؛ لأن مما نستبعده أن يكون كتاب « بشر » الوحيد فى المتشابه الكلامى دون سائر الكتب الأخرى التى ذكرها ابن النديم فى الباب الخاص بالمتشابه ، ومزج فيها كتب المعتزلة بكتب القراء فالراجح أن تكون كتب هؤلاء المعتزلة مثل كتاب بشر! .. وكان الأولى أن تصنف كتبهم مع كتاب مقاتل بن سليمان ـ الذى يرجح أنه فى هذا الباب ـ وكتب سائر المتكلمين الذين تناولوا هذه الآيات بالتفسير والتأويل ، دون كتب القراء ، كنافع ، وحمزة ، وخلف بن هشام ، ممن بحثوا فى المتشابه اللفظى ، سعيا وراء بعض الأسباب البلاغية ، ولم يبحثوا فى آيات الصفات والعقائد ، أو فى المتشابه الذى أشارت إليه الآية السابعة من سورة آل عمران.
وإنما رجحنا أن كتب هؤلاء كانت فى المتشابه اللفظى ، لأن الذين كتبوا فى متشابه العقائد كانوا فى الغالب من أصحاب النحل ، ولأن الكتابة فيه لم تفرد إلا بعد احتدام الخلاف المذهبى!