يتتبع تفسير أستاذه السابق ببيان وجوه خطئه فى تأويل القرآن ، وذكر الصواب فى ذلك.
ولا يبعد هنا أن يكون الأشعرى ، وهو بسبيل بيان خطأ الجبائى فى تأويل القرآن ، إنما يقف على الآيات المتشابهة والمشكلة ، التى يعتقد أن أبا على أولها بما وسوس له شيطانه! ليفسرها هو بما يعتقد أنه التأويل الحق ، أو التأويل المأثور عن السلف الماضين ، فى حين كان يدع القول فى سائر الآيات لما ينقله أبو على رحمهالله من وجوه اللغة والإعراب والقراءة ... أو لما يقارب كلامه فى تفسيرها.
وعلى ذلك ؛ فلا يمتنع فيما نرى أن يكون هناك تقارب فى تفسير أكثر الآيات بين الأشعرى والقاضى عبد الجبار ، ولكن السبب فى ذلك لا يعود إلى أن القاضى قد أخذ تفسيره من الأشعرى! ولكن لأن كليهما قد أخذ فى تفسيره وأفاد من شيخه أبى على الجبائى ، على نحو ما (١). فجاء من نظر فى تفسير القاضى وتفسير الأشعرى ، فظن ـ على أحسن الفروض ـ أن المتأخر منهما أخذ تفسيره عن المتقدم ـ كما نقل ابن العربى ـ وذلك وهم محض.
تنزيه القرآن عن المطاعن
أما الكتاب الثانى للقاضى ، فى مجال التفسير والدراسات القرآنية ، فهو
__________________
(١) نضيف إلى ذلك ما وقفنا عليه آخرا أن الذهبى يقول فى تفسير الأشعرى : إنه مما ألفه على طريقة الاعتزال. وقد استغرب الشيخ زاهد الكوثرى رحمهالله ذلك ؛ وبخاصة وأن أبا الحسن يذكر أنه ألف كتابه للرد على المعتزلة! ولكنا نرى أن الأشعرى ربما جعل همه فى الرد ، فى المواضع التى كثر الحديث عنها بين العامة. أو أنه كان حديث عهد بهجران الاعتزال ولم يستو له منهجه كاملا بعد. فوقع للذهبى من تفسيره ما وجد فيه اعتزالا لا نقضا لأقوال المعتزلة وتأويلاتهم! ولهذا فإننا لا نستغرب ما استغربه الأستاذ الشيخ زاهد رحمهالله. انظر تبيين كذب.
المفترى ص : ١٣٤.