والتى يثور حولها الجدل والخلاف المذهبى ، وهذه مما يمكن للقاضى أن يقيم تفسيرها على مذهبه ، فى حين يأخذ تفسير سائر الآيات ، وهى الأعم الأغلب بالطبع ، من كتاب أبى الحسن! فلا يمتنع ـ على هذا ـ أن يفيد القاضى من هذا الكتاب أو يأخذ تفسيره منه!! قلنا : إذا كان ذلك لا يمتنع ، فيجب ألا يمتنع أن يكون الأشعرى نفسه قد أخذ كتابه من تفسير أبى على الجبائى ، وهو تفسير حافل مطول يقع فى أكثر من مائة جزء (١)!.
٣ ـ على أن التحقيق فى هذا الموضوع هو أن القاضى عبد الجبار قد أفاد فى تفسيره ، وأخذ فيه ـ بل أخذه إذا أحب ابن العربى ـ من تفسير شيخه أبى على الجبائى رحمهالله ، لا من تفسير خصمه أبى الحسن الأشعرى. ولو أننا وقفنا على كتاب القاضى لوجدناه يكثر فيه من النقل عن أبى على ، صنيعه فى سائر كتبه الأخرى التى وصلت إلينا ، والتى لا تكاد تخلو مسألة فيها من الاستشهاد بقول لأبى على ، أو أبى هاشم الجبائيين. ويكون القاضى بذلك ، ملتزما ـ على عادته ـ بمنهجه فى الفكر والتأليف ، على حد سواء.
يؤيد ذلك ما نجده فى كتابه « إعجاز القرآن » ـ أحد أجزاء المغنى ـ من النقل عن مقدمة تفسير أبى على السابق ، والتى خصها أبو على فيما يبدو بالرد على بعض المطاعن فى القرآن ، وجعلها تمهيدا لتفسيره الكبير ، وكثيرا ما نجد القاضى يقول فى هذا الجزء نقلا عن أبى على : ذكر فى مقدمة التفسير ، وجاء
__________________
(١) انظر الفهرست لابن النديم ؛ طبعة أوربا ص : ٣٤. البداية والنهاية لابن كثير طبع القاهرة عام ١٩٣٢ ؛ ج ١١ / ص : ١٢٥. التنبيه والرد على أهل الأهواء لأبى الحسين الملطي ص : ٤٤. تحقيق الشيخ زاهد الكوثرى. نشر عزت العطار سنة ١٩٤٩.