وقد وجده يحكى عن كتاب الأشعرى : « فلا أدرى وقع على بعضه! أم أخذه.
من أفواه الرجال؟ » ؛ لأنه ليس هناك ما يمنع أن يكون ابن فورك قد اطلع على النسخة التى تحدث عنها ابن العربى قبل أن يحرقها الصاحب ، وإذا كان ابن العربى قد حكم على القاضى بأنه « قد أخذ كتابه فى التفسير من كتاب الأشعرى » والقاضى قد توفى عام ٤١٥ فهلا حكم بإمكان أن يكون ابن فورك قد قرأه واطلع عليه ، وهو أشعرى حرىّ به أن يطلع على تراث إمامه ، وقد توفى ابن فورك عام ٤٠٦ (١).
٢ ـ وعلى فرض أن ابن العربى قد أخذ كلامه هذا عمن اطلع على الكتابين ، وقارن بينهما ، فى أحسن الأحوال ، فوجد القاضى قد أخذ تفسيره عن أبى الحسن ، فإن لنا ـ على هذا الفرض ـ أن نقول : إن منهج الرجلين متباين أشد التباين.
ويبعد أن ينقل أحدهما عن الآخر! إلى جانب أن منزلة أبى الحسن الأشعرى عند القاضى ، والتى يدل عليها تشنيعه الكثير عليه. وقوله فى اسمه : ابن أبى بشر المخذول! ... ونحو ذلك ، لا تبيح له مثل هذا لأخذ! (٢)
فان قيل ؛ إن اختلاف المناهج لا يظهر أثره بوضوح إلا فى الآيات المتشابهة
__________________
(١) ابن فورك : هو أبو بكر محمد بن الحسن ، من أئمة الأشعرية ، كان فقيها أصوليا واعظا ، أخذ العلم عن أبى الحسن الباهلى ، وكان أخص به من الباقلاني والأسفراييني ، وقد أخذا عنه أيضا : من كتبه : كتاب مشكل الحديث انظر الطبقات للسبكى : ٣ / ٥٢. تبيين كذب المفترى ص : ٢٤٤ ، الأعلام ٦ / ٣١٣.
(٢) انظر شرح الأصول الخمسة ، فى مواضع متفرقة ، الصفحات : ٣٣٥ ، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٧٧. وانظر فى الصفحة ١٨٣ عند كلام القاضى عن كيفية استحقاقه تعالى للصفات ، حيث عرض لرأى الأشعرى فى ذلك آخرا ، قوله : ( ثم نبغ الأشعرى ؛ وأطلق القول بأنه تعالى يستحق هذه الصفات لمعان قديمة ؛ لوقاحته وقلة مبالاته بالإسلام والمسلمين )!