المسائل والصواب
من طرفي النقيض لا يكون إلاّ واحدا ؛ مع أنّا نرى اختلافها وعدم انضباطها ، ولذا
لا يكاد أن يتّفق اثنان في الاستنباط ؛ فلا يوجد هنا مرتبة معيّنة حتّى يقال : من
وصل إليها فهو مجتهد ، ومن لم يصل إليها ليس مجتهدا .
يرد عليه : أنّ
الملكة أمر واحد وهو حالة يتمكّن بها من ردّ الفروع إلى الاصول. نعم ، لها مراتب
مختلفة ؛ لأنّها تزيد وتنقص ، وتشتدّ وتضعف ، ويختلف لذلك سرعة الاستنباط وبطؤه ،
وإصابة الحقّ وعدمها ، ولا يوجب ذلك عدم انضباط أصل الملكة ، وعدم العلم بها.
تذنيب
اعلم أنّ هاهنا
علوما أخر لها مدخليّة في الاجتهاد من حيث التكميل دون الشرطيّة. وربما عدّ بعضهم
بعضا من الشرائط :
الأوّل
والثاني : علم المعاني ،
والبيان. والأكثر على أنّهما من مكمّلات الاجتهاد ؛ لأنّ أحوال الإسناد الخبري
إنّما تعلم في الأوّل ، وهو من مكمّلات العلوم العربيّة ، وأحوال الحقيقة والمجاز
وتفاصيلهما تعرف من الثاني ، وهو من مكمّلات المبادئ اللغويّة.
وذهب المرتضى وجماعة إلى أنّهما من الشرائط ؛ نظرا إلى ظهور
الاحتياج في معرفة الأحكام إلى بعض مباحث القصر والإنشاء الثابت في المعاني ، وإلى
أحكام الحقيقة والمجاز الثابتة في البيان.
وهو لا يخلو عن
قوّة. وذكر القدر المحتاج إليه منهما في كتب الاصول ـ لو سلّم ـ لا يدفع صدق
الاحتياج إليهما.
الثالث : علم البديع. والأكثر على أنّ الاجتهاد لا يتوقّف عليه ؛
لأنّه علم يعرف به وجوه محسّنات الكلام ، والفقه لا يتوقّف على ذلك. نعم ، له
مدخليّة في التكميل ؛ لكونه من
__________________