لنا النقل من أهل اللغة ، وكلمة التوحيد (١). وما قالوا إنّ إفادتها له شرعيّة لا لغويّة ، مكابرة.
احتجّ الخصم بمثل : « لا صلاة إلاّ بطهور » ؛ حيث دلّ على أنّ المستثنى منه مشروط بالمستثنى لا يتحقّق بدونه ، وأمّا أنّه يتحقّق معه فلا. ولو كان الاستثناء من النفي إثباتا ، لزم ثبوته معه البتّة ، فيثبت الصلاة بمجرّد الطهور ، وأنّه (٢) باطل (٣).
والجواب : أنّ قولنا : « إلاّ بطهور » ليس إخراج الطهور من الصلاة ليثبت (٤) بثبوته ، فإنّه إنّما يكون إذا قلنا : « لا صلاة إلاّ الطهور » ، فقولنا : « بطهور » ليس بالمستثنى هنا حقيقة ، فلا بدّ من تقدير متعلّق هو المستثنى بالحقيقة ، وهو إمّا « صلاة بطهور » أو « باقترانها بطهور » وذلك المتعلّق هو المستثنى بالحقيقة.
فعلى الأوّل (٥) يكون الاستثناء تامّا ؛ لأنّ المستثنى منه هو النكرة المنفيّة المذكورة ، أي « لا صلاة » ويكون المتعلّق المستثنى (٦) مستثنى منها ، ويكون قولنا : « بطهور » ظرفا مستقرّا صفة للمستثنى ، والتقدير « لا صلاة إلاّ صلاة بطهور ».
وعلى الثاني يكون الاستثناء مفرّغا ؛ لأنّ المستثنى منه حينئذ قولنا : « بوجه من الوجوه » المقدّر ، ويكون المتعلّق المستثنى مستثنى منه ، ويكون قولنا : « بطهور » ظرفا لغوا صلة للمستثنى ، والتقدير « لا صلاة بوجه من الوجوه إلاّ باقترانها بالطهور ».
ثمّ لمّا كان المراد من نفي الصلاة نفي صحّتها ، فيرجع الحاصل ـ على التقدير الأوّل ـ [ إلى ] (٧) أنّه « لا صلاة صحيحة إلاّ صلاة بطهور » ، وعلى الثاني إلى أنّه « لا صلاة صحيحة بوجه من الوجوه إلاّ بالاقتران بالطهور ». ويلزم على التقديرين أن لا يصحّ كلّ صلاة لا يكون (٨)
__________________
(١) أي كلمة : « لا إله إلاّ الله ».
(٢) في « ب » : « فإنّه ».
(٣) حكاه ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٢٧.
(٤) أي ليثبت المستثنى منه.
(٥) والمراد به قوله : « وهو إمّا صلاة بطهور » ويعلم منه المراد من قوله : « وعلى الثاني ».
(٦) أي قوله : « صلاة ».
(٧) أضفناه للضرورة.
(٨) التذكير باعتبار الكلّ.