وفعله صلىاللهعليهوآله ، وتقريره ، والإجماع ، والدليل السمعي من الآيات والأخبار.
وها هي نذكرها بأقسامها ، وشروطها ، وأحكامها ، وما يتعلّق بها في فصول.
فصل [٣٠]
المستثنى إن كان من جنس المستثنى منه فالاستثناء متّصل ، وإلاّ فمنقطع. والثاني لا مدخل له في التخصيص وفاقا ؛ لأنّ قوله (١) : « جاءني القوم إلاّ حمارا » لا يخرج بعض المسمّى.
ولا بدّ في صحّة المنقطع من مخالفة المستثنى للمستثنى منه ، والمخالفة إمّا في نفس الحكم ، كالمثال المذكور ، أو في أنّ المستثنى نفسه حكم آخر مخالف للمستثنى منه بوجه ، مثل : « ما زاد إلاّ ما نقص » ، و « ما نفع إلاّ ما ضرّ » ، فإنّ « النقصان » و « الضرّ » حكمان مخالفان للزيادة والنفع.
وبالجملة ، فإنّه يقدّر بـ « لكن » ، فكما يجب فيه مخالفة ـ إمّا تحقيقا ، مثل : « ما جاءني زيد لكن جاءني عمرو » أو تقديرا ، مثل : « ما جاءني لكن أهانني » ـ فكذا هاهنا ، ولذا لا يصحّ أن يقال : « ما جاءني زيد إلاّ أنّ حدوث العالم حقّ ».
فصل [٣١]
الحقّ أنّ لفظ « الاستثناء » حقيقة في المتّصل ، مجاز في المنقطع ، وليس مشتركا لفظيّا ولا معنويّا بينهما ؛ لأنّ المجاز خير من الاشتراك ؛ ولأنّ المتّصل أظهر وأعرف وهو المتبادر من الاستثناء عند إطلاقه.
وكذا الحقّ أنّ صيغته أيضا حقيقة في المتّصل ، مجاز في المنفصل ؛ لتبادر الأوّل منها دون الثاني ، ولذا لم يحملها العلماء على المنقطع إلاّ عند تعذّر المتّصل ، حتّى قالوا في قول القائل : « له عندي مائة درهم إلاّ ثوبا » و « له عليّ إبل إلاّ شاة » : معناه إلاّ قيمة ثوب ، أو قيمة شاة ، فعدلوا للحمل على المتّصل عن الظاهر ، وارتكبوا الإضمار المخالف له (٢).
__________________
(١) في « ب » : « قولك ».
(٢) راجع منتهى الوصول لابن الحاجب : ١٢١.