القائل بالفحص لا يشترط أزيد من فحص ممكن بسهولة ، ولم يكن أحد من أصحاب الأئمّة متمكّنا من جمع جميع الاصول.
ومنها : أنّه لو وجب في التمسّك بالعامّ طلب المخصّص ، لوجب في التمسّك بالحقيقة طلب المجاز ؛ لأنّ إيجاب الطلب للتحرّز عن الخطأ ، وهو مشترك بينهما ، واللازم منتف وفاقا.
والجواب : الفرق بين العامّ والحقيقة بأنّ أكثر العمومات مخصوصة ، فيصير إرادة العموم مرجوحة ، أو مشكوكة ، فيجب الفحص ، بخلاف المجاز.
وما قيل من أنّ أكثر اللغة مجازات (١) يكذبه التتبّع. على أنّا نقول في الحقائق المحتملة لإرادة المعاني المجازيّة منها بالاحتمال الراجح ، أو المساوي : إذا وردت في الأحكام الشرعيّة ، يجب البحث عن المعاني المجازيّة لتحقّق البحث عن كيفيّة دلالة الأدلّة.
ومنها : آية التثبّت (٢) ؛ حيث نفت بالمفهوم التثبّت عن مجيء العدل ، والبحث عن المخصّص تثبّت وأيّ تثبّت.
والجواب : أنّ اللازم من منطوق الآية ـ كما يدلّ سوقها ـ وجوب التثبّت في خبر الفاسق ؛ لاحتمال كذبه ، فاللازم من مفهومها عدم وجوبه في خبر العدل من هذه الجهة ، ولولاه لزم عدم لزوم التثبّت في الخبر المجمل إذا جاء به العدل ، وهو باطل وفاقا.
اعلم أنّ هذه الدلائل لو تمّ دلالتها على عدم وجوب الفحص عن المخصّص ، لدلّت على عدم لزوم الفحص عن المعارض أيضا ، ويخرج (٣) منه أصل فاسد وهو جواز العمل بكلّ ما وصل إلينا من دون الافتقار إلى جمع الأدلّة ونضدها (٤) والنظر في وجوه التراجيح والعمل بالأرجح ، بل يلزم منها جواز العمل بأيّ خبر رأيناه في باب من أبواب أحد الكتب المعتبرة من دون احتياج إلى الأبواب الأخر والكتب الأخر وملاحظة أقوال العلماء ، فيبطل
__________________
(١) قاله الشيخ حسن في معالم الدين : ١٢٤.
(٢) هو آية ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ... ) ، الحجرات (٤٩) : ٤٩.
(٣) في « ب » : « ويتخرّج ».
(٤) في « أ » : « بضدّها ». وفي « ب » : « يفيدها ». والصحيح ما أثبتناه.