الأوّل : دلالته على الفساد مطلقا.
الثاني : عدم دلالته عليه مطلقا. نقله بعض العامّة عن أكثر الفقهاء (١).
الثالث : دلالته عليه مطلقا شرعا لا لغة. اختاره المرتضى منّا (٢) ، والحاجبي منهم (٣).
الرابع : دلالته عليه شرعا بشرط أن لا يرجع النهي إلى وصف غير لازم ، بل إلى عين المنهيّ عنه ، أو جزئه ، أو وصفه اللازم ؛ اختاره بعض أصحابنا (٤) ، وأكثر الشافعيّة (٥) ، وفخر الدين الرازي (٦).
الخامس : دلالته عليه مطلقا في العبادات دون المعاملات. اختاره أكثر المتأخّرين من أصحابنا ، وجماعة من العامّة (٧) ، وهو الحقّ.
وقبل الخوض في الاستدلال لا بدّ لنا من تمهيد مقدّمتين :
[ المقدّمة ] الاولى : النهي عن الشيء لعينه هو أن يتعلّق بنفسه لا بما ينسب إليه ، كأن يقال : « لا تفعل هذا الكلّ » سواء كان عبادة ، أو معاملة.
ومنه : ما إذا رجع النهي إلى نفس العقد ، كبيع الملامسة (٨) والمنابذة. ومن المنابذة بيع الحصاة ، مثل أن يقول : « بعتك من هذه الأثواب ما يقع عليه هذه الحصاة إذا رميتها » ، فيجعل نفس الرمي بيعا ، وهو باطل ؛ لاختلال أصل العقد باختلال الصيغة.
ومنه : النكاح الواقع بلفظ التحليل ، والطلاق الواقع بالكنايات.
والنهي عنه لجزئه أن يتعلّق بأحد مقوّماته وذاتيّاته ، كالنهي عن قراءة العزائم في
__________________
(١) الناقل هو الفخر الرازي في المحصول ٢ : ٢٩١.
(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٨٠.
(٣) منتهى الوصول : ١٠٠.
(٤) انظر المعتبر ٢ : ٩٢.
(٥ و ٧) حكاه عنهم الأسنوي في التمهيد : ٢٩٣.
(٦) المحصول ٢ : ٢٩١.
(٨) والملامسة في البيع أن تقول : « إذا لمست ثوبك أو لمست ثوبي فقد وجب البيع بكذا ».