أن الوقف على تمسى أى عينا مسماة معروفة. والابتداء سل سبيلا هذه جملة أمرية أى اسأل طريقا موصلة اليها ، وهذا مع ما فيه من التحريف يبطله إجماع للمصاحف على أنه كلمة واحدة ، ومن ذلك الوقف على ( لا رَيْبَ ) والابتداء ( فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) وهذا يرده قوله تعالى فى سورة السجدة ( لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ومن ذلك تعسف بعضهم إذ وقف على ( وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ ) ويبتدئ ( اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ ) ويبقى « يشاء » بغير فاعل فان ذلك وما أشبهه تمحل وتحريف للكلم عن مواضعه يعرف اكثره بالسباق والسياق
( ثالثها ) من الأوقاف ما يتأكد استحبابه لبيان المعنى المقصود وهو ما لو وصل طرفاه لأوهم معنى غير المراد وهذا هو الذى اصطلح عليه السجاوندى لازم وعبر عنه بعضهم بالواجب وليس معناه الواجب عند الفقهاء يعاقب على تركه كما توهمه بعض الناس ويجيء هذا فى قسمى التام والكافى وربما يجيء فى الحسن
فمن التام الوقف على قوله ( وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ ) والابتداء ( فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ) لئلا يوهم أن ذلك من قولهم ، وقوله ( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ ) عند الجمهور ، وعلى ( الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) مع وصله بما قبله عند الآخرين لما تقدم ، وقوله ( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ ) والابتداء ( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ) لئلا يوهم العطف ونحو قوله ( أَصْحابُ النَّارِ ) والابتداء ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ) لئلا يوهم النعت ؛ وقوله ( رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ ) والابتداء ( وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ ) لئلا يوهم وصل « ما » وعطفها.
ومن الكافى الوقف على نحو ( وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) والابتداء ( يُخادِعُونَ اللهَ ) لئلا يوهم الوصفية حالا ونحو ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) والابتداء ( وَالَّذِينَ اتَّقَوْا ) لئلا يوهم الظرفية بيسخرون ، ونحو ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) والابتداء ( مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ ) لئلا يوهم التبعيض للمفضل عليهم ، والصواب جعلها جملة مستأنفة فلا موضع لها من الإعراب