بعضها ركعتين ولم يزد على بعضها شيء قيل لأن أصل الصلاة إنما هي ركعة واحدة لأن أصل العدد واحد فإذا نقصت من واحد فليست هي صلاة فعلم الله عز وجل أن العباد لا يؤدون تلك الركعة الواحدة التي لا صلاة أقل منها بكمالها وتمامها والإقبال عليها فقرن إليها ركعة ليتم بالثانية ما نقص من الأولى ففرض الله عز وجل أصل الصلاة ركعتين.
ثم علم رسول الله صلىاللهعليهوآله أن العباد لا يؤدون هاتين الركعتين بتمام ما أمروا به وكماله فضم إلى الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ليكون فيهما تمام الركعتين الأوليين ثم علم أن صلاة المغرب يكون شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف إلى الأوطان والأكل والوضوء والتهيئة للمبيت فزاد فيها ركعة واحدة ليكون أخف عليهم ولأن تصير ركعات الصلاة في اليوم والليلة فردا.
ثم ترك الغداة على حالها لأن الاشتغال في وقتها أكثر والمبادرة إلى الحوائج فيها أعم ولأن القلوب فيها أخلى من الفكر لقلة معاملات الناس بالليل ولقلة الأخذ والإعطاء فالإنسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها من الصلوات لأن الفكر قد تقدم [ أقل لعدم ] العمل من الليل.
فإن قال فلم جعل ركعة وسجدتين قيل لأن الركوع من فعل القيام والسجود من فعل القعود وصلاة القاعد على النصف من صلاة القيام فضوعف السجود ليستوي بالركوع فلا يكون بينهما تفاوت لأن الصلاة إنما هي ركوع وسجود (١).
بيان : الإقرار بالربوبية لأن الصلاة مشتملة على الإقرار بما ذكر أو لأن أصل عبادته تعالى دون غيره خلع للأنداد وإقرار بالربوبية كما مر وكذا الطلب في الإقالة والطلب للدين والدنيا قوله وهو صلاح الضمير راجع إلى الإقرار والقيام عطف على الإقرار والبطر الطغيان بالنعمة وكراهة الشيء من غير أن يستحق الكراهة.
__________________
(١) علل الشرائع ج ١ ص ٢٤٨ ، عيون الأخبار ج ٢ ص ١٠٧ و ١٠٨.