المحبين الذين كان يسر بهم الناظرون وتقر بهم العيون أضحوا قد اخترمتهم الأيام ونزل بهم الحمام فخلفوا الخلوف وأودت بهم الحتوف فهم صرعى في عساكر الموتى متجاورون في غير محلة التجاور ولا صلات بينهم ولا تزاور ، لا يتلاقون عن قرب جوارهم أجسامهم نائية من أهلها خالية من أربابها قد أخشعها إخوانها فلم أر مثل دارها دارا ولا مثل قرارها قرارا في بيوت موحشة وحلول مضجعة قد صارت في تلك الديار الموحشة وخرجت من الديار المونسة ففارقتها من غير قلى فاستودعتها للبلى وكانت أمة مملوكة سلكت سبيلا مسلوكة صار إليها الأولون وسيصير إليها الآخرون والسلام (١).
بيان : فعند الله أحتسبها أي أحتسب الأجر بصبري على مصيبتها وفجعته المصيبة أي أوجعته وكذلك التفجيع والحفاوة المبالغة في السؤال عن الرجل والعناية في أمره واخترمهم الدهر أي اقتطعهم واستأصلهم والحمام بالكسر قدر الموت وقال الفيروزآبادي (٢) الخلف بالتحريك والسكون كل من يجيء بعد من مضى إلا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر وفي حديث ابن مسعود ثم إنه تخلف من بعده خلوف هي جمع خلف.
وأودى به الموت ذهب والحتوف بالضم جمع الحتف وهو الموت وعن في قوله عن قرب جوارهم لعلها للتعليل أي لا يقع منهم الملاقاة الناشئة عن قرب الجوار بل أرواحهم يتزاورون بحسب درجاتهم وكمالاتهم وقوله ـ عليهالسلام قد أخشعها كذا في أكثر النسخ ولا يناسب المقام وفي بعضها بالجيم والجشع الجزع لفراق الإلف ولا يبعد أن يكون تصحيف اجتنبها والحلول بالضم جمع حال من قولهم حل بالمكان أي نزل فيه ومضجعة بضم الميم من أضجعه وضع جنبه إلى الأرض وفي أكثر النسخ مخضعة والقلى بالكسر البغض.
٥٥ ـ ثواب الأعمال ، عن حمزة بن محمد العلوي عن علي بن إبراهيم عن
__________________
(١) أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٠٥.
(٢) هذا من سهو القلم ، والصحيح قال الجزري.