عزوعلا : « إذا قمتم إلى الصلاة » فلا تكون مندرجة تحت القيام إلى الصلاة ، بل مستقلة برأسها ، والمراد يا ايها الذين آمنوا إن كنتم جنبا فاطهروا ، ويجوز أن تكون معطوفة على جزاء الشرط الاول أعني « فاغسلوا وجوهكم » فيندرج تحت الشرط ، ويكون تقدير الكلام إذا قمتم إلى الصلاة ، فان كنتم محدثين فتوضؤا وإن كنتم جنبا فاطهروا ، وعلى الاول يستنبط منها وجوب غسل الجنابة لنفسه بخلاف الثاني.
وقد طال التشاجر بين علمائنا قدس الله أرواحهم في هذه المسألة ، لتعارض الاخبار من الجانبين ، واحتمال الآية الكريمة كلا من العطفين ، فالقائلون بوجوبه لنفسه ، عولوا على التفسير الاول ، وقالوا أيضا كون الواو في الآية للعطف غير متعين ، لجواز أن تكون للاستيناف ، وعلى تقدير كونها للعطف عليه فانما يلزم الوجوب عند القيام إلى الصلاة ، لا عدم الوجوب في غير ذلك الوقت.
والقائلون بوجوبه لغيره ، عولوا على التفسير الثاني ، لان الظاهر اندراج الشرط الثاني تحت الاول ، كما أن الثالث مندرج تحته البنة ، وإلا لم يتناسق المتعاطفان في الآية الكريمة.
وربما يقال : العطف بان دون « إذا » يأبى العطف على جملة إذا قمتم ، وأجيب بأنه يمكن أن يكون في العطف بان دون إذا إشعار بالمبالغة في أمر الصلاة ، والتأكيد فيها ، حيث أتى في القيام بها بكلمة إذا الدالة على تيقن الوقوع ، يعني أنه أمر متيقن الوقوع البتة ، وليس مما يجوز العقل عدمه ، وفي الجنابة بكلمة « إن » الموضوعة للشك مع تحقق وقوعها وتيقنها تنبيها على أنها في جنب القيام إلى الصلاة كأنه أمر مشكوك الوقوع.
وفائدة الخلاف تظهر في نية الغسل للجنب عند خلو ذمته من مشروط بالطهارة فهل يوقعها إذا اراد إيقاعها بنية الوجوب أو الندب؟ مع اتفاق الفريقين ظاهرا على شرعية الايقاع ، وفي عصيانه بتركه لو ظن الموت قبل التكليف بمشروط بالطهارة.