قوله : « لا تحرمنا أجره » أي أجر ما اصابنا من مصيبته « ولا تفتنا بعده » في القاموس الفتنة بالكسر الخبرة كالمفتون ، ومنه « بأيكم المفتون » وإعجابك بالشئ ، فتنه يفتنه فتنا وفتونا وأفتنه ، والضلال والاثم والكفر والفضيحة و العذاب ، وإذابة الذهب والفضة ، والاضلال والجنون والمحنة والمال والاولاد واختلاف الناس في الآراء انتهى. أي لا تجعلنا مفتونين بالدنيا بعد ما رأينا من مصيبته بل نبهنا بما اصابنا ، واجعلنا زاهدين في الدنيا ، تاركين لشهواتنا لتذكر الموت وأهواله ، ولا تمتحنا بعده بشدة مصيبته فنجزع فيها ونستحق بذاك سخطك ، بل هب لنا صبرا صبرا عليها. ولعل الاول اظهر ، ويحتمل معاني أخرى تظهر مما نقلنا من معاني الفتنة لا نطيل الكلام بذكرها.
قوله عليهالسلام : « اللهم اكتبه عندك في عليين » مأخوذ من قوله تعالى : « كلا إن كتاب الابرار لفي عليين » (١) قال في النهاية : فيه أن أهل الجنة ليتراؤن أهل عليين ، عليون اسم للسماء السابعة ، وقيل اسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد ، وقيل أراد أعلى الامكنة وأشرف المراتب وأقربها إلى الله تعالى في الدار الآخرة انتهى.
أقول : لعل المراد به هنا اكتب وقدر عندك أنه من أهل عليين ، أو اكتب اسمه في عليين ، فانه ديوان يكتب فيه اسماء الابرار والمقربين وأعمالهم.
قوله عليهالسلام : « واخلف على اهله » وفي أكثر الروايات على عقبه من الغابرين : اخلف بضم اللام وكسرها كما ذكره الجوهري وفي النهاية يقال : خلف الله لك بخير وأخلف عليك خيرا اي أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه ، وقيل إذا ذهب للرجل ما يخلفه مثل المال والولد قيل : أخلف الله لك وعليك وإذا له ما لا يخلفه غالبا كالادب والام قيل : خلف الله عليك ، وقيل : يقال خلف الله عليك إذا مات لك ميت اي كان الله خليفته عليك ، وأخلف الله عليك
____________________
(١) المطففين ص ١٨.