قوله « ولا بأس أن يصلي » أجمع علماؤنا على عدم اشتراط هذه الصلاة بالطهارة وأجمعوا على استحبابها ، وقد نقل الاجماع عليهما في التذكرة والمنتهى.
ثم اختلفوا في أن إطلاق الصلاة على هذه حقيقة أو مجاز ، ويتفرع عليه إجراء الاحكام والشرائط الواردة في الصلاة مطلقا فيها ، وظاهر الخبر عدم الحقيقة وإن احتمل أن يكون المراد ليس بالصلاة المعودة المشتملة على الركوع والسجود المشروطة بالطهارة ، ولا خلاف بينهم ظاهرا في وجوب الاستقبال والقيام مع القدرة اتباعا للهيئة المنقولة ، وفي جوب الستر مع الامكان قولان ، وجزم العلامة بعدمه.
وكذا اختلفوا في أنه هل يعتبر فيها الطهارة من الخبث؟ فذهب أكثر المتأخرين إلى العدم تمسكا بمقتضى الاصل ، وإطلاق الاذن في صلاة الحائض مع عدم انفكاكها من النجاسة غالبا ، ولا يخلو من قوة ، وكذا في ترك ما يجب تركه في اليومية ، قال في الذكرى : والاحوط ترك ما يترك في ذات الركوع ، والابطال بما يبطل ، خلا ما يتعلق بالحدث والخبث انتهى.
أقول : يمكن أن يفرع على الخلاف المذكور اشتراط العدالة في إمام تلك الصلاة ، ويؤيد العدم عدم فوت فعل من الافعال عن المأموم بسبب الايتمام.
وأما وقوف الحائض ناحية فرواه الكليني في الموثق (١) عن عبدالرحمان ابن أبي عبدالله ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت تصلي الحائض على الجنازة ، قال : نعم ، ولا تصف معهم ، تقوم منفردة ، ورواه في الحسن أيضا (٢) وليس فيه « تقوم منفردة » ويحتمل أن يكون المراد تأخرها عن صف الرجال ، فلا اختصاص له بالحائض بل هذا حكم مطلق النساء ، ويؤيده لفظ الرجال هنا ، وتذكير ضمير معهم في الخبرين. وأن يكون المراد عمن لم يتصف بصفتها من النساء أيضا كما فهمه القوم ، ويكون التذكير للتغليب ، ويشعر به قوله عليهالسلام تقوم منفردة.
____________________
(١) الكافى ج ٣ ص ١٧٩.
(٢) المصدر نفسه باب صلاة النساء على الجنائز تحت الرقم ٤ ، عن محمد بن مسلم.