والمد والصاع كانت في الاصل مكائيل معينة ، فقد رت بوزن الدارهم وشبهها صونا عن التغيير الذي كثيرا ما يتطرق إلى المكائيل ، ومعلوم أن الاجسام المختلفة يختلف قدرها بالنسبة إلى كيل معين ، فلا يمكن أن يكون الصاع من
____________________
المدينة وهم من مهاجرة اليمن الاولى رطلا آخر بينهم وهو ثلاثة أرباع المكى والمكى رطل وثلث بالمدنى ، ثم عرفوا في العراق بعد فتحه رطلا آخر وهو نصف الرطل المكى وثلئا الرطل المدنى ، فالمكى رطلان بالعراقى والمدنى رطل ونصف به.
وأما رسول الله صلىاللهعليهوآله : اختار الرطل المكى حيث كان يطابق المكيال الطبيعى الفطرى وهو ملء الكفين حنطة وشعيرا ، وسماه مدا بمناسبة أن الكائل يمد يده بهما إلى المكتال ، وهو الذى يشبع نفسا واحدة ليوم وليلة ، فقدر به بعض الكفارات ككفارة الاطعام في القسم.
ثم جعل الصاع أربعة أمداد ، وهو الذى يشبع عائلة بين العيلتين : من زوج وثلاثة أولاد ، فقدر به فطر الصائم ، ولانعلم أن صاعه هذا كان من المكاييل المقدرة قبلا ، وهو الذى أشيربه في قوله تعالى «نفقد صواع الملك» أو كان عنده صلىاللهعليهوآله ظرفا يسع أربعة أمداد فقدره لذلك ، وكيف كان ، لا ريب أن مده وصاعه صلىاللهعليهوآله كان لتقدير الحبوبات ، لا للماء كما هو ظاهر.
فمعنى أنه كان صلىاللهعليهوآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع : أنه يملا المدماء ويتوضأ به ، ويملا الصاع ماء ويغتسل به ، ومعلوم أن الماء يزيد وزنه على الشعير والحنطة بثمن وزنه كما وزنته بل واكثر ، فالمد الشرعى اذا كان للوضوء يزن رطلا وثمنا بالمكى ورطلين وربعا بالعراقى كماعليه الاجماع واذا كان لكفارة الاطعام يسقط عنه الكسور.
ويدل على ما ذكرناه موثقة سماعة أيضا وقد طرحوها حيث لم يتدبروا فيها فلم يعرفوا وجهها قال : سألته عن الذى يجزى من الماء للغسل فقال : اغتسل رسول الله صلىاللهعليهوآله بصاع وتوضأ بمد ، وكان الصاع على عهده صلىاللهعليهوآله خمسة أمداد ، وكان المدقدر رطل وثلاث أواق ».