أوجب بعضهم مسح كل الرأس ، واكتفى بعضهم ببعضه ، وأما عند الامامية فالباء عندهم للتبعيض (١) كما تدل عليه أخبارهم (٢) ولا يلتفت إلى إنكار بعض المخالفين مجي الباء للتبعيض ، لاعتراف فحول علمائهم بمجيئة كالفيروزآبادى وهو من أفاخم اللغويين الذين يعتمدون عليهم في جل أحكامهم ، حيث قال في
____________________
معانيه فلا وجه لذكره عليحدة لانه معنى ضمنى يستفاد من وصلة الفعل إلى مفعوله بسبب الباء ، أو بنفسه ، لا أنه معنى خالص بالباء ، وقولهم في الالصاق الحقيقى «أمسكت بزيد» فقد ضمن أمسكت معنى تعلقت ، وهو ظاهر لمن تأمل ، وقولهم في الالصاق المجازى «مررت بزيد» فالباء للاستعلاء ، كما في قوله تعالى : «واذا مروا بهم يتغامزون» فانه ضمن معنى الاشراف وقوله : أرب يبول الثعلبان برأسه.
فالمعنى امسحوا على رؤسكم وعلى أرجلكم إلى الكعبين ، وانما قيد الارجل بقوله «إلى الكعبين» لان الرجل يشمل الساقين والفخذين أيضا فقيده إلى الكعبين ليعلم أن المسح الواجب يكون على ظهر الرجل ولايجاوز الكعبين إلى الساقين ، كماقيد اليدين في قوله : «اغسلوا وجوهكم وأيديكمم إلى المرافق» ليعلم أن الغسل لايجاوز المرافق إلى العضدين.
(١) بل التبعيض انما يفهم بقرينة ذكر الباء ، لا أن الباء نفسها للتبعيض ، أما في الاية الكريمة «وامسحوا برؤسكم وأرجلكم» فلانها بعد ماكانت بمعنى الاستعلاء كان المعنى : امسحوا على رؤسكم وأرجلكم ، فيكفى في مصداقه مسح ما من دون استيعاب الرأس والرجلين ، الا لقال عزوجل «امسحوا رؤسكم وأرجلكم» ليشمل بظاهره تمام الرأس والرجلين إلى الكعبين ، وأما في قوله تعالى «عينا يشرب بها عباد الله» وقد استشهدوا بها لمجيئ الباء للتبعيض ، فالظاهر أنه للسببية ، ضمن الشرب معنى الرى ، والمعنى : عينا يروى بها عباد الله اذا شربوا منها شربة ، وهكذا الكلام في البيتين اللتين استشهد بهما على ما سيجيئ.
(٢) سيأتى متن الاحاديث ، وفيها «أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء» وليس ذلك بصريح في أن الباء للتبعيض كما هو ظاهر.