يا أباذر ما عبدالله عزوجل على مثل طول الحزن.
يا أباذر من اوتي من العلم ما لا يبكيه لحقيق أن يكون قد اوتي علم ما لاينفعه لان الله نعت العلماء فقال عزوجل : إن الذين اوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد لمفعولا ويخرون للاذقان يبكون ويزيذهم خشوعا » (١).
يا أباذر من استطاع أن يبكي فليبك ، ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباك ، إن القلب القاسي بعيد من الله تعالى ولكن لا تشعرون.
يا أباذر يقول الله تبارك وتعالى : لا أجمع على عبد خوفين ولا أجمع له أمنين فاذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة.
يا أباذر إن العبد ليعرض عليه ذنوبه يوم القيامة [ فيمن ذنب ذنوبه ] فيقول : أما إني كنت مشفقا ، فيغفر له.
يا أباذر إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها ويعمل المحقرات حتى يأتي الله وهو عليه غضبان وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق (٢) منها فيأتي الله عزوجل آمنا يوم القيامة.
يا أباذر إن العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة فقلت : وكيف ذلك بأبي أنت وامي يا رسول الله؟ قال : يكون ذلك الذنب نصب عينيه تائبا منه ، فارا إلى الله عزوجل حتى يدخل الجنة.
يا أباذر الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من اتبع نفسه وهواها وتمنى على الله عزوجل الاماني.
يا أباذر إن أول شئ يرفع من هذه الامة الامانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا.
يا أباذر والذي نفس محمد بيده لو أن الدنيا كانت تعدل عند الله جناح بعوضة
____________________
(١) الاسراء : ١٠٨ ـ ١٠٩.
(٢) أى يدهش ويخاف ويضطرب.